سرطان الثدي لدى الشابات… صراع من أجل الحياة في مقتبل العمر

- Advertisement -

كان وجهها شاحبًا وبالإمكان سماع دقات قلبها وهي تنسج في مخيلتها السيناريو الأسوأ. مرت حياتها كلها أمام عينيها بسرعة مذهلة، فكرت في صغيرها، في والديها، في زوجها… متسائلة: هل هذا هو الاختبار الأخير؟

في غرفة الانتظار التي كانت تغص بالنساء من جميع الأعمار ومن كافة مناحي الحياة، كانت تمعن النظر في فتاة، بالكاد تبلغ من العمر 18 عاما، والتي، على الرغم من صغر سنها، تظهر شجاعة مبهرة في مواجهة محنتها وتحافظ على ابتسامتها، ولكن على وجه والدتها، يمكن قراءة كل شيء. كانت ملامح الخوف بادية عليها.

“هل يصيب سرطان الثدي النساء الشابات أيضا؟ أليس الكشف ضروريا ابتداء من سن الأربعين؟ “، تتساءل نادية التي اكتشفت وجود كتلة كبيرة إلى حد ما في ثديها الأيمن.

ونظرا لوجود تاريخ عائلي للإصابة بالسرطان، حيث أصيبت والدتها وخالتها بهذا المرض، سارعت نادية إلى استشارة طبيب متخصص في الأورام.

تقول نادية في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء : “كنت أعتقد أنني لست معرضة للإصابة بالسرطان في سن 28 “. وبعد إجراء تصوير للثدي بالأشعة السينية، ثم خزعة، ظهرت نتيجة الكشف الطبي التي كانت قاسية وصادمة.

فنبرة تحسر أخبرني الطبيب بأنه “لسوء الحظ، النتائج ليست جيدة، وأنني مصابة بسرطان الثدي مع ورم يبلغ 10 سنتم”، مضيفة أنه حينها “اعتقدت أنني سأموت. فبالنسبة لي، السرطان والموت مرتبطان ارتباطا وثيقا”.

+ الكشف المبكر من أجل زيادة حظوظ الشفاء

خلال مراحل العلاج المختلفة، لم تكن نادية المريضة الشابة الوحيدة، فسرطان الثدي يصيب النساء الأصغر سنا بشكل متزايد.

“لقد رأيت شابات يمتن في مقتبل العمر بسبب تشخيص متأخر”، تضيف نادية التي تدعو “جميع النساء، وخاصة الشابات، إلى الاستشارة الطبية إذا انتابهن أدنى شك. فسرطان الثدي لا يصيب فقط النساء فوق سن الخمسين.

ومن المعروف أن التشخيص المبكر لمرض السرطان يزيد بشكل كبير من حظوظ الشفاء ويقلل من انخفاض معدلات الإصابة بالمرض وانخفاض التكاليف – إذا تم تشخيص السرطان في وقت مبكر.

ويتضمن التشخيص المبكر ثلاثة مراحل، التحسيس بأعراض الأشكال المختلفة للسرطان وبأهمية استشارة الطبيب في حالة وجود مخاوف؛ والقيام بتقييم سريري والولوج إلى خدمات التشخيص؛ والإحالة في الوقت المناسب إلى خدمات العلاج.

ويتمثل الهدف في اكتشاف علامات لسرطان معين أو ما قبل السرطان قبل ظهور الأعراض على الشخص. وعندما يظهر الكشف وجود خلل ما، يتعين إجراء اختبارات إضافية لتحديد التشخيص (إيجابي أو سلبي).

ويؤكد طبيب الأورام منير الباشوشي أنه من الواضح أن أي مرض يتم اكتشافه في بدايته يوفر فرصة أكبر للشفاء مما لو كان في مرحلة متقدمة. واعتبر أن الكشف يجب أن يهم جميع النساء، وخاصة المريضات المعرضات للخطر اعتمادا على الحالة المرضية المعنية.

+علامات يجب مراقبتها

من المهم أن تقوم أي امرأة، في أي عمر، تلاحظ وجود كتلة غير طبيعية في الثدي، باستشارة طبية في غضون شهر أو شهرين، حتى لو لم تسبب الكتلة أي ألم. تساعد هذه الاستشارة على جعل العلاج أكثر فعالية. في معظم الأحيان، يظهر سرطان الثدي على شكل كتلة غير مؤلمة أو سماكة في الثدي أو على شكل تغير في حجم الثدي أو شكله أو مظهره، أو احمرار، أو تغيرات جلدية أخرى، أو تغير في مظهر الحلمة أو الجلد المحيط بها ، و/أو إفرازات غير طبيعية من الحلمة.

وفي الواقع، يمكن أن يتخذ سرطان الثدي أشكالا متنوعة جدا، وهو ما يفسر أهمية إجراء فحوصات طبية كاملة.

في المراحل المتقدمة، يمكن للسرطان أن يسبب ثقبا في الجلد وتقرحات مفتوحة ليست مؤلمة بالضرورة. ويمكن أن ينتشر سرطان الثدي إلى أجزاء أخرى من الجسم ويسبب أعراضا أخرى.

في أغلب الأحيان، تكون الغدد الليمفاوية الموجودة تحت الذراع هي أول موقع انتشار يمكن اكتشافه.

غير أنه في بعض الأحيان لا يتم الشعور بالغدد الليمفاوية الحاملة للسرطان. وبمرور الوقت، يمكن أن تنتشر الخلايا السرطانية إلى أعضاء أخرى مثل الرئتين والكبد والدماغ والعظام. وبمجرد إصابة هذه الأعضاء، قد تظهر أعراض جديدة مرتبطة بالسرطان، مثل آلام العظام أو الصداع.

وحسب الدكتور الباشوشي، فإن عامل الخطر الرئيسي هو بالتأكيد الاستعداد الوراثي في العائلات التي لديها حالات السرطان، مضيفا أنه “من غير ذلك، فقد تعزى الإصابة إلى العديد من العوامل، ولا سيما النظام الغذائي ونمط الحياة وانعدام أو قلة الحركة.

وأكد أن أفضل سبل الوقاية هي تجنب الممارسات المعرضة لخطر الإصابة مثل الكحول والتبغ والنظام الغذائي غير المتوازن والخمول. وإلا، فانه علينا أن ندرك أن هذا لا يحدث للآخرين فقط… ما يؤكد ضرورة استشارة الطبيب بانتظام لطلب اجراء الكشف”، منبها إلى أن عدم وجود تاريخ عائلي معروف لا يعني أن المرأة أقل عرضة للإصابة بسرطان الثدي.

وعلى غرار نادية، تحارب العديد من الشابات السرطان. ففي المغرب، يشكل سرطان الثدي وعنق الرحم مشكلة حقيقية للصحة العمومية، وهما أكثر شيوعا بين النساء. وغالبا ما يتم تشخيصهما في مراحل متأخرة جدا، مما يؤخر علاجهما ويجعل التعافي منهما صعبا.

عندما نتحدث عن سرطان الثدي، غالبا ما نفكر في النساء فوق سن 50 عاما، ولكن اليوم يتم تشخيص العديد من أورام الثدي لدى اللواتي تقل أعمارهن عن 30 عاما.

بإجراء بسيط، التشخيص المبكر، يمكن إنقاذ العديد من الأرواح. جميعا من أجل الكشف المبكر لدى النساء الأصغر سنا !