نعيش اليوم في عالم رقمي محفوف بالمخاطر من كل حدبٍ وصوب، سيما مع التقدم التكنولوجي الهائل الذي نشهده، والذي طال أطفالنا، وأثر عليهم بطريقة سلبية ليس فقط من ناحية تعرضهم لمخاطر التعلق بشاشة الهاتف، والأجهزة الذكية، وألعاب الكمبيوتر، ولكن أيضاً بسبب انتشار صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت، ما يستدعي تسليط الضوء على الآثار السلبية والمخاطر التي تتربص بهم جراء ذلك.
فهل يجوز نشر صور الأطفال على شبكات فيسبوك وإنستغرام وغيرها؟
جوابا على هذا السؤال، حذر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من نشر وتقاسم صور الأطفال، بشكل منتظم، على منصات التواصل الاجتماعي، من قبل والديهم وأولياء أمورهم وأشخاص من محيطهم، مشيرا إلى أن بعض الأسر من “المؤثرين” جعلت من هذا الأمر ممارسة ذات أهداف ربحية، دون وعي كاف بالآثار طويلة المدى لهذا النشر على سلامة وأمن أطفالهم ونضجشخصيتهم.
وفي تقريره السنوي لسنة 2022، كشف المجلس أنه تم التبليغ من لدن شركات عاملة في مجال الانترنت، سنة 2021، عن 85 مليون مقطع فيديو وصورة تدخل في المضمار عبر العالم.
وأشار المجلس إلى أن عددا من الدول اتخذت سلسلة من التدابير التشريعية لمواجهة التحديات الراهنة التي يفرضها العصر الرقمي الجديد، كالاتحاد الأوروبي الذي اعتمد إطارا تشريعيا لمنع ومكافحة الاستغلال والاعتداء الجنسيين على الأطفال عبر الإنترنت.
وإلى جانب ذلك، يطرح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي التساؤل عن سبب تحول الأجهزة الرقمية إلى جزء لا يتجزأ من ألعاب الأطفال منذ سن مبكرة، وكذا عن حجم المخاطر التي قد يتعرض لها الأطفال ارتباطا بالوقت الذي يقضونه في استخدامها والمحتوى الذي يطلعون عليه، حيث أن ذلك غالبا ما يكون في مرحلة جد مبكرة من عمر الطفل بل وقبل تعلم المشي أو التكلم أحيانا.
وأوضح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن الفضاء الرقمي على الرغم من إتاحته لِإمكانيات كثيرة للأطفال، كالتعلم عن بعد والحصول على المعلومة، إلا أنه بقدر ما يكون هذا المحتوى الرقمي مفيداً، بقدر ما يمكن أن يكون مضللا ويحمل في طياته العديد من المخاطر، من قبيل الأخبار الزائفة أو إضعاف الثقة في المؤسسات العمومية، وغير ذلك.
من أجل ذلك، يوصي المجلس على العمل على المدى القصير على تعزيز جهود التوعية والتحسيس بهذه المخاطر، في أفق أن يعم الوعي بمخاطر هذه الظاهرة واستصدار تدابير قانونية لتأطيرها.
ويقترح وضع استراتيجية للتربية على وسائل الإعلام لفائدة الوالدين وأولياء الأمور تسمح لهم بالتعرف على المخاطر التي تنطوي عليها شبكات التواصل الاجتماعي من حيث الوقت الذي يقضيه الأطفال في التفاعل معها ومن حيث المحتوى الذي يطلعون عليه في هذا الفضاء، بالإضافة إلى الوعي بالمخاطر المرتبطة بنشر صور وفيديوهات عن أبنائهم على مختلف منصات التواصل الاجتماعي والانعكاسات المحتملة لهذا الأمر على سلوكهم مستقبلا.