قصبة أكادير أوفلا التاريخية ترتدي حلة جديدة

- Advertisement -

أكادير 13 فبراير 2024 (ومع) بتاريخ يعود إلى قرون خلت، تطل قصبة أكادير أوفلا المصنفة تراثا وطنيا محميا، شامخة على خليج المحيط الأطلسي تحكي عن تاريخيها المتجذر، حاملة معها ذاكرة جماعية وهوية ثقافية تعكس البطولات المجيدة التي خاضها أهالي سوس.

وإن كان من النادر أن تنشأ مدينة من صلب قلعة مطلة على البحر، مجاورة للحصون التي أعدت لتأمين المرفأ، فالأمر ليس كذلك بالنسبة لمدينة الإنبعاث، حيث شهدت القصبة نموا على قدر من الأهمية إلى حدود عام 1920، وهُجرت تدريجيا لفائدة مدينة أكادير الجديدة التي تنامت أسفلها، إذ كانت القصبة تأوي قبل الزلزال ما يقل عن ألف شخص تقريبا.

وفي ليلة 29 فبراير 1960، تعرضت مدينة أكادير لزلزال مدمر، غير معالم المدينة بشكل كبير وغير معها ملامح قصبة أوفلا أو أكادير العليا وفونتي التي كانت تقع على سفح الجبل بشكل شبه كامل.

وبعد مرور ستين سنة على الكارثة، اتخذ قرار إعادة إحياء هذا الموقع الرمزي في تاريخ المغرب، مع الاحترام الكامل للبروتوكولات الدولية الجاري بها العمل في مجال معالجة المآثر بعد الكوارث التي تعرضت لها، وباعتماد أحدث التقنيات في هذا الميدان، ليتم فتح الموقع للزيارة والاستكشاف.

وفي هذا السياق، مكن برنامج التنمية الحضرية لأكادير (2020-2024) الذي تم التوقيع عليه يوم 4 فبراير 2020، تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من رصد 120 مليون درهم لتأهيل قصبة أكادير أوفلا التي تجسد مكونا من تاريخ المملكة المغربية وجهة سوس ماسة على وجه الخصوص.

وبارتدائها حلة جديدة، فتحت القصبة أبوابها الخارجية في وجه العموم في يوليوز 2022، بينما تم تأجيل فتح داخل القصبة، الذي كان مقررا شهر شتنبر 2023، لإفساح المجال لترميم السور الغربية التي تضررت جزئيا جراء زلزال 8 شتنبر 2023، ليفتتح الفضاء الداخلي يوم 03 فبراير 2024.

وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال المدير العام لشركة التنمية الجهوية للسياحة سوس ماسة، عبد الكريم أزنفار، إن مشروع تأهيل قصبة أكادير أوفلا يندرج في إطار تنويع وتعزيز العرض السياحي بجهة سوس ماسة، لاسيما من خلال تنمية السياحة الثقافية.

وبالإضافة إلى إعادة تأهيل القصبة، أكد أن الجهود الرامية إلى النهوض بالتراث وتعزيز المكون الثقافي للعرض السياحي لوجهة أكادير متواصلة بوتيرة متسارعة، وذلك في إطار تنفيذ برنامج برنامج التنمية الحضرية لأكادير.

وأشار في هذا الصدد، إلى عدة مشاريع أخرى، منها متحف إعادة بناء أكادير، المتحف الأمازيغي، متحف تيميتار، وكذا المسرح الكبير لأكادير وترميم إيغودار” وهي مخازن جماعية لا تزال تقاوم الإندثار.

ومن خلال سلك شبكة مرتفعة من الممرات الخشبية التي تتبع المسارات الأصلية للقلعة، يسافر الزائر على مدى خمسين دقيقة، عبر أزقة هذا الموقع الرمزي لمدينة أكادير خصوصا، وجهة سوس ماسة عموما، للتعرف على أهم المحطات التاريخية الشاهدة على عراقة هذه المعلمة الأثرية.

وبالإضافة إلى اللوحات التشويرية الإعلامية حول تاريخ قصبة أكادير أوفلا، وُضعت رهن إشارة الزوار أجهزة صوتية للجولات بخمس لغات (العربية، والأمازيغية، والإنجليزية، والإسبانية، والفرنسية)، إذ تمكن هذه الأجهزة من استكشاف القصبة والإستماع إلى الشهادات المتعلقة بكل فصل من فصول تاريخ هذه القلعة، وكذا توفر هذه الخدمة عبر تطبيق الهاتف المحمول.

واعتمد مشروع تأهيل القصبة على بروتوكول علمي متعدد التخصصات (أخصائيون في علم الآثار، والتاريخ والأنثروبولوجيا والمهندسون المعماريون والمهندسون المدنيون)، وفقا للمبادئ العلمية والتشاركية، مع تعبئة أحدث تقنيات الرقمنة في التوثيق و الحفظ.

كما استند هذا المشروع على مبدأ “الاسترداد”، أو العودة إلى الوضع السابق للقصبة، بما في ذلك إعادة بناء الأماكن الرمزية بالقصبة والتي لها مدلول تاريخي بما يتناسق والمواصفات الأصلية التي كان عليها الموقع سنة 1960.
وتبقى قصبة أكادير أوفلا المحملة بالذكريات التي نقشت على جدرانها وأسوارها ومدافعها، موقعا تراثيا لايزال يغري الزائر لاستكشاف ما يخفيه بين أزقته من أسرار وقصص وعبر لم تروى بعد.