تنظم شركة “رانواي إيه آي” الناشئة، مهرجان نيويورك لأفلام الذكاء الاصطناعي، الذي يفتح الباب أمام الإمكانات المتاحة من خلال هذه التكنولوجيا التي أصبحت في متناول الجميع، عبر أفلام قصيرة تعكس خيال مبتكريها مع مشاهد ذات طابع جمالي خارق.
وتتيح “رانواي”، وهي من أكثر الشركات تقدماً في مجال إنتاج الفيديو باستخدام الذكاء الاصطناعي،من خلال طلب مكتوب باللغة اليومية، إنشاء لقطة مدتها بضع ثوانٍ، أو تحويل سلسلة من الصور الثابتة إلى فيديو قصير، أو إعادة تشكيل تسلسل موجود بهدف تحويل صورة إلى لوحة على سبيل المثال.
وتَقدَّم للمشاركة في فعاليات هذا المهرجان، ما يقرب من 3000 فيلم قصير اختير منها عشرة أعمال في التصفيات النهائية، في مؤشر إلى الطفرة الإبداعية التي توفرها هذه التكنولوجيا.
من جهة أخرى، يقول أليخاندرو ماتامالا، وهو أحد مؤسسي “رانواي”، “إذا كنت تريد قصة تحتوي على شخصيات بشرية شديدة الواقعية، فنحن لم نصل إلى هذه النقطة بعد”، “ولكن هناك طرق مختلفة لرواية قصة ما”.
وقطعت السينما وأفلام الرسوم المتحركة شوطا طويلا في الأعوام الخمسين الماضية، ويعود الفضل في ذلك جزئيا إلى الذكاء الاصطناعي، مع أعمال بارزة بينها “إنسبشن” و”مايتريكس”، مروراً بـ”لافينغ فنسنت”.
لكن هناك فرق جوهري يتمثل في أن الأفلام القصيرة تكلّف جزءاً يسيراً للغاية من ميزانية هذه الأفلام الضخمة، وقد أُنتجت بأدوات يمكن لأي شخص التعامل معها.
ويوضح المخرج الفرنسي، ليو كانون، في هذا الشأن قائلا “لم يكن بإمكاني حقاً الحصول على شخصيات أو كلمات، لذا فقد كان هذا الأمر نوعاً ما أساس جمالية الفيلم”. بعد توليد اللقطات، كانت “لا يزال هناك الكثير من العيوب والاختلالات في كل مشهد، لذلك اضطررت إلى التنقيح كثيراً” لأن الفيلم “لا يخرج جاهزاً من البرمجيّة”.
وعلى فيلمه القصير الذي حصل على جوائز في المهرجان، عمل الفرنسي ليو كانون بمفرده انطلاقا من سيناريو أعدّه، وأنتج مئات الصور باستخدام تطبيق الذكاء الاصطناعي “ميدجورني”،ثم قام بتحريكها باستخدام “رانواي”،وأجرى تعديلات عدة على طول هذا المسار.
وفي هذا الصدد، تعمل شركة “رانواي” أيضاً على ما يُسمى بالنموذج العام، والذي سيكون قادراً على فهم الحركات داخل الصورة وكيفية تعديل بيئتها.
من جهة أخرى، يعتبر المخرج الإيطالي، كارلو دي تونيي، المشارك في إنجاز فيلم “أويكنينغ تو كرييشن”، الذي حصل أيضاً على جائزة في المهرجان، أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة لتغيير نموذج هوليوود التقليدي، بالنسبة للمخرجين أمثاله.
ويضيف”سيكون الفنانون قادرين على إحياء قصص جديدة من دون الحاجة بالضرورة إلى امتلاك الموارد لها”، مذكراً بأن الكثير من منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي تقدّم اشتراكات مقابل بضع عشرات من الدولارات شهرياً فقط.
وتثير هذه التقنية بعضا من القلق في عالم السينما، حيث شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في الصيف المنصرم، إضرابا من عدد كبير من الممثلين وكتّاب السيناريو لأشهر عدّة، مطالبين خصوصاً بالحماية ضد الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وفي الواقع، تتجاوز هذه العمليات الإبداعية الجديدة الكثير من المهام والوظائف التي يقوم بها حالياً محترفو السينما، ما قد يفتح المجال أمام اعتمادها في القطاع.
ويقرّ كريستوبال فالينزويلا، المؤسس المشارك والمدير العام لشركة “رانواي” إنه “ستتم أتمتة واستبدال مراحل معينة من صناعة الأفلام، لكن هذه الوظائف ستتغير”، إلا أنها لن تختفي.