لا غرو أن لجمعية إدريس بن المامون للبحث والإبداع في فن الملحون بسلا، دور مهم في الحفاظ على فن الملحون، سواء من خلال توثيقها وتجميعها لدواوين شعراء الملحون داخل مدينة سلا العتيقة، أو من خلال تكوينها للشباب في مجال النظم والإنشاد والعزف، علاوة على إحياءها لِأمسيات الملحون، وتخصيصها لمهرجان وطني سنوي لهذا الفن المغربي العريق.
وللتعريف بهذه الجمعية وإبراز جهودها وأهدافها، طرحنا سؤالاً على الأستاذة سارة البوفي، بصفتها عضوا في المكتب التنفيذي للجمعية، حول الدور الذي تلعبه هذه الأخيرة في الحفاظ على تراث الملحون، وجوابها كان كالتالي:
تعتبر جمعية إدريس بن المامون للبحث والإبداع في فن الملحون بسلا حلقة بارزة ومعادلة أساسية في إحياء التراث الشعبي الأصيل من زاوية فن الملحون بمدينة سلا. تقوم الجمعية بتنظيم الأمسيات الفنية الفكرية بانتظام مرة كل أربعة أشهر، حيث يتم خلالها أداء قصائد الملحون حول مواضيع مختلفة مرتبطة بحياة المواطنين وقضايا الوطن والحرية والاستقلال والكفاح.
وتتنوع مكان إقامة هذه الأمسيات بين مقر الجمعية والفضاءات العمومية والهواء الطلق والمدارس والثانويات. وقد تم تنظيم أكثر من 10 أمسيات فنية فكرية خلال هذه المرحلة، وتم عرضها في مختلف الفضاءات بسلا، بما في ذلك الزوايا والحدائق العمومية.
كما تُعتبر الأمسيات الفنية فرصة لتقريب فن الملحون من المهتمين والباحثين والشباب، وقد شارك فيها فنانون محترفون من مختلف مدن المملكة المغربية. كما تم تكريم شخصيات وفنانين رائدين في مجال الملحون، إلى جانب تكريم فئة واسعة من المساهمين في الفن والثقافة.
وتُعتبر الأيام الوطنية لنزهة الملحون التي تنظمها الجمعية فرصة للقاء أهل الملحون من مختلف مدن المملكة المغربية، وتتضمن السهرات الفنية والندوات الفكرية واللقاءات التكوينية في العزف والإنشاد. ويتم تسمية كل دورة للأيام الوطنية بقامة من شيوخ الملحون أو شخصية مهمة في هذا المجال، مع تكريمها خلال الحفل الافتتاحي.
كما تسعى الجمعية أيضًا إلى تنمية مواهب الشباب في مجال فن الملحون من خلال تنظيم دورات تكوينية في الأدب والشعر والإنشاد والعزف، وتوفير الدعم والتشجيع لهم لمواصلة إبداعهم. كما تولي الجمعية اهتمامًا خاصًا للتواصل مع الجمهور من خلال وسائل الإعلام وورش العمل والندوات.
وتهدف جمعية إدريس بن المامون للبحث والإبداع في فن الملحون إلى المحافظة على هذا التراث الثقافي من خلال تكوين الشباب في مجال حفظ وأداء وعزف قصائد الملحون، وتوثيق دواوين شعراء الملحون السلاويين، وإنشاء خزانة ثقافية فنية توثق أعمالهم.
تعتبر جمعية ادريس بن المامون للبحث والإبداع في فن الملحون بسلا منذ تأسيسها في 18 أكتوبر 2012 حلقة بارزة و معادلة أساسية في إحياء التراث الشعبي الأصيل من زاوية فن الملحون بمدينة سلا، حيث تعددت المبادرات وتنوعت البرامج وتواصلت محطات اللقاء والتواصل مع الجمهور الواسع للشباب وكبار السن والنساء والرجال على السواء بمختلف فئاتها الاجتماعية والفكرية وذلك من خلال تنظيم الأمسيات الفنية الفكرية مرة كل أربعة أشهر تنشد خلالها قصائد في فن الملحون في مواضيع مختلفة ومتنوعة مرتبطة بكل مناحي الحياة الخاصة للمواطنين وقضايا الوطن والحرية والاستقلال والكفاح من أجل المقدسات الوطنية وارتباط الشعب المغربي بملوكه العلويين الشرفاء حاميي وحدة الوطن ودينه المحمدي، حيث تعرضت أمسياتنا الفنية الفكرية لمواضيع أبدع فيها شعراء الملحون في مجال تجليات الحركة الوطنية في الملحون، ذكرى المولد النبوي الشريف، التحسيس والتوعية بقضايا مجتمعية، فصل الربيع، ذكرى رمضان الكريم، الوحدة الترابية، الأعياد الدينية، موقع المغرب في العلاقات الدولية والقضايا العربية، القراءة والكتابة.
وقد تجاوز عدد الأمسيات الفنية الفكرية خلال هذه المرحلة العدد 10 وتم عرضها في فضاءات مختلفة من مقر الجمعية إلى الفضاءات العمومية والهواء الطلق ثم مختلف الزوايا بسلا والحدائق العمومية والمدارس والثانويات.
وقد شكلت هذه الأمسيات فرصة لتقريب فن الملحون إلى منخرطي الجمعية وعشاق فن الملحون والمولوعين بالتراث الشعبي الأصيل من خلال إنشاد مجموعة من الفنانين الذكور والإناث المنتمين لكافة حواضر الملحون بالمملكة المغربية بإنشادهم الجيد وأصواتهم العذبة واختلاف أعمارهم والشيوخ الذين تتلمذوا على أيديهم وكذلك عزف نخبة من العازفين المهرة سواء أعضاء الفرقة الموسيقية للجمعية أو كثير من العازفين من الراشدية وأرفود والرباط والقنيطرة ومكناس ومراكش وتارودانت وآسفي الذين لا يبخلون عن مشاركتنا في مختلف هذه الأمسيات مما ساهم في ربط أواصر الأخوة والصداقة بينهم وروح تبادل الخبرات بين جيل الشباب وكبار السن.
وعملت الجمعية منذ الدورة الأولى للأيام الوطنية لنزهة الملحون على إعطاء شعار لكل دورة تعرض فيه الأشعار التي تناولت موضوعه وكذلك تسمية كل دورة بقامة أو شيخ من شيوخ الملحون بالمغرب أو شخصية ممن أسدوا الجميل لهذا الفن الأصيل وتخصص ندوة لتقريب أدواره وعمله في هذا المجال للجيل الجديد وتكرم هذه الشخصية خلال الحفل الافتتاحي.
كما حرصت الجمعية خلال كل لقاءاتها الفنية على تدوين كل قصائد الملحون التي تنشد خلال كل لقاء وطبعها في كتاب وذلك حماية لهذه الذخيرة الفنية لشعر الملحون من الضياع وكذلك تقريب هواة الملحون من مضمون القصائد ومعانيها وبذلك أصبحت الجمعية تتوفر على خزانة ورقية ضخمة من كتب لكل الأمسيات والمهرجانات وكذلك خزانة سمعية بصرية تسجل وتدوّن بالصوت والصورة لكل هاته الأنشطة.
وتسجل الجمعية بكل افتخار الدور الذي لعبته من خلال توثيق كل قصائد الملحون التي تم إلقاؤها في أمسياتها الفنية الفكرية ودورات أيامها الوطنية وكذلك توزيع نسخ عنها لكل الحاضرين وأعضاء الجمعية والمدعوين بالمجان.
واستطاعت الجمعية خلال السنوات الأخيرة من الاشتغال في مجال تكوين جيل الشباب ذكوراً وإناثاً في مجال فن الملحون في شقيه الأدبي والشعري وكذلك مجال الإنشاد والعزف، وهي فرصة قاعدة المولوعين بفن الملحون واستقطاب جيل الشباب وإعداد الخلف للجيل الحاضر مع تقديم الدعم والتشجيع اللازم ليواصل فن الملحون حضوره القوي في الساحة الفنية المغربية مواتية لتوسيع التي تعرف تنوعاً كبيراً وغنا وفيرا يعطي للمملكة المغربية قوة كبيرة وحضوراً متميزا على المستوى الثقافي والفني والتراثي العربي والأمازيغي والحساني وقد تم إيلاء قضية الإعلام والتواصل حيزا مهما واهتماما خاصا لما يشكله من قناة لتقريب فن الملحون من المهتمين والباحثين والمولوعين وجيل الشباب، حيث تم إحداث موقع إلكتروني للجمعية يتوفر على كل المعلومات والوثائق الخاصة بالجمعية ويعرض كل منتوجات الجمعية من كتب ووثائق وتسجيل للسهرات وتعريف بالشخصيات المكرمة وباتفاقيات الشراكة التي تجاوزت عدد 10 مع كثير من الفاعلين المحليين والوطنيين المهتمين بالتراث الشعبي وخاصة فن الملحون وكذلك تم فتح صفحة رسمية للجمعية على الفايسبوك لتقريب أخبار الجمعية وفن الملحون إلى أعضاء الجمعية وشركائها والنقل المباشر عبرها لكل سهرات الجمعية، إضافة إلى الحرص على التغطية الصحفية عبر الصحافة الورقية الوطنية والدولية والإذاعة والتلفزة والجرائد الإلكترونية.
وتهدف الجمعية إلى المحافظة على فن الملحون عبر تكوين الشباب في مجال حفظ وأداء وعزف قصائد الملحون، وتوثيق وتجميع دواوين شعراء الملحون السلاويين، وكذا إحداث خزانة سمعية بصرية للملحون، وإعداد وتنظيم مهرجان وطني سنوي للملحون في مدينة سلا، وكذلك تنظيم اللقاءات والندوات الثقافية والفنية، كما تسهر جمعية إدريس بن المامون للبحث والإبداع في فن الملحون عن تحقيق التواصل والشراكة والتعاون عبر نسج علاقات تواصلية مع كل الفعاليات الثقافية والفنية ذات الأهداف المشاركة، ومن خلال إبرام كذلك اتفاقيات التعاون والشراكة بشأن برامج عمل مع الدولة والجماعات المحلية والمنظمات والجمعيات الوطنية والأجنبية، وكذلك نشر الوثائق والكتب وإنجاز دراسات وبحوث في فن الملحون.
كما تنظم جمعية إدريس بن المامون للبحث والإبداع في فن الملحون، أمسيات فنية فكرية كل شهرين تنشد خلالها قصائد في فن الملحون وتوثق جميعها صوتا وصورة ، وتنسخ القصائد في كتب خاص عن كل أمسية، ويتم خلال الأمسية شرح مضامين القصائد وظروف كتابتها، كما تتضمن محاور الأمسيات الفنية الفكرية تجليات الحركة الوطنية في فن الملحون بمناسبة ذكرى 11 يناير 1944، وذكرى المولد النبوي، التحسيس والتوعية بقضايا مجتمعية، المحاورات الكوميدية، فصل الربيع، روائع ملحون شعراء سلا، رمضان، الرحلة والجولة، المعمار، الوحدة الترابية، الحراز، الأعياد الإسلامية، الحركة الوطنية ودور المجاهد أبوبكر القادري، روائع القصائد من الملحون الخالد، جمالية البلاغة والبيان، موقع المغرب في العلاقات والقضايا العربية.
وقامت الجمعية بتكريم مجموعة من جيل الرواد من أهل الملحون أثناء تنظيم أمسياتها الفنية الفكرية وشخصيات فكرية ثقافية ورواد الفن والمسرح والسينما محليا ووطنيا ورواد العمل الجمعوي بسلا، ومنشدين وعازفين في فن الملحون على المستوى المحلي والوطني، وفقيدي الساحة الفنية السلاوية والوطنية، وشعراء وشيوخ الملحون أمثال الحاج أحمد سهوم، الشيخ عبد الصادق سالم، والشيخ عبد الرحمان الملحوني، والأستاذ عباس الجيراري، والحاج أحمد الغربي، إلى جانب مجموعة من شيوخ فن الملحون آخرون، وفاء وتكريما لوجوه عملت في الماضي والحاضر على خدمة فن الملحون سواء في مجال البحث أو العزف أو الإنشاد أو تدعيم الحركة الجمعوية التي ترعى مجال استمرارية هذا الفن الأصيل.
كما نظمت الجمعية منذ تأسيسها بشراكة مع وزارة الثقافة وبتعاون مع عمالة سلا وجماعتها الحضرية وبعض جمعيات المجتمع المدني ومؤسسة سلا للثقافة والفنون وبعض الشركاء والفاعلين الاقتصاديين مجموعة من الأمسيات الفكرية والندوات الثقافية في غرض الملحون، لرد الاعتبار لهذا الفن الأصيل وعبره لمدينة سلا التاريخية التي شكلت عبر العصور أحد معاقل ومشاتل تطور فن الملحون شعرا وإنشادا لدى الشيب والشباب والنساء والرجال، وقد تم تسمية المهرجان بالأيام الوطنية لنزهة الملحون.