سكينة، قصة صمود في وجه المرض “الخايب”

- Advertisement -

أكتوبر… الشهر الوردي الذي أصبح يقترن اسمه بمرض سرطان الثدي منذ ثمانينيات القرن المنصرم، أصبح شهرا للحملات التحسيسية  التي تهدف إلى التوعية حول مخاطر سرطان الثدي عند النساء وسبل الوقاية منه، والكشف المبكر.

“المرض الخايب” كما يسميه المغاربة، مرض يحكي العديد من قصص نساء صمدن في وجهه، والذي يغير الكثير في حياة  المصابات به وكذا المحيطين بهن.

مجلتكم (فرح) استقت لكم شهادة حية لمريضة وقفت صامدة في وجه المرض اللعين، لم تستسلم ولم تفقد الأمل في الحياة.

سكينة ربة بيت تنحدر من مدينة فاس، أم لأربعة أبناء، في الخمسين من عمرها وأصيبت بسرطان الثدي في الثامنة والثلاثين. اكتشفته صدفة، حينما أحست بكيس مكور على مستوى رأس الثدي، لتتأكد شكوكها بوجود شيء غير طبيعي حينما كانت بصدد جلب الماء من “البرمة” في الحمام التقليدي، حيث أحست بكرة صغيرة “كحبة مندرين صغيرة”، كما وصفتها.

ردة فعل غريبة… ودعم نفسي مهم

تحكي سكينة أنها ذهبت إلى المستشفى الموجود بالحي الذي تقطن به، وكشفت عند طبيبة  أخبرتها بأنها لا تعاني من شيء، ولكن إصرارها على أن بها خطبا ما، جعل الطبيبة تطلب منها إجراء اختبار الموموغرافي، ليتم تشخيصها بسرطان الثدي بحجم 3 سنتيمات ، مع ضرورة إجراء العملية.

 تقول سكينة إن ردة فعلها عندما علمت بالمرض  كانت غريبة في نظر المحيطين بها، ذلك أنها أحسست بفرحة على عكس العديد من المصابات، وأن دموعها انهارت في بادئ الأمر لكنها تحولت إلى فرحة غريبة فيما بعد، على عكس عائلتها التي انهارت كليا، كما صرحت لمجلة فرح.

ردة فعل المقربين منها كانت سببا من أسباب قوتها لمواجهة المرض كما قالت، حيث اجتازت العلاج الكيميائي بمفردها دون حضور أحد لمساندتها، باختيارها، حيث قالت:” اختياري لأن أعيش الأمر بمفردي لم يكن من فراغ وإنما كان بسبب الانهيار والعصبية التي أراها في وجه زوجي وأبنائي. وهذا لا يساعدني كمريضة، ففضلت أن أعيش تفاصيل المرض بعيدا عن عائلتي، وأتشارك الفرح والألم مع المريضات”.

وأضافت بأن  المرافق لمريض السرطان خلال فترة علاجه يجب أن يتحلى بصفات معينة، أهمها الصبر وأن يكون شخصا داعما وقويا، لأن ذلك ينعكس على المريض.

 بعد الاسستشفاء… نفسية متعبة

تحكي سكينة أنها بعد إجراء العملية قامت بست حصص علاج كيميائي كل 21يوما، وبعدها 19 حصة العلاج بالأشعة لأنه لم يتم استئصال ثديها كليا، وإنما رأسه فقط.

وبعد شفائها من المرض، تقول سكينة أن نفسيتها أصبحت متعبة ليس بسبب الألم الذي عاشته كمريضة، وإنما لما يتعرض له الجسم من مواد كيميائية ومتغيرات تسبب ذلك، فقد “أكون في قمة السعادة ثم تأتي لحظة دون سابق إنذار تخطف هذه السعادة وكأن أحدهم يضعني في زجاجة ويقفل علي داخلها”.

تقول سكينة أنه بعد تعافيها من المرض أكثر ما ترسخ في ذهنها ولا يزال يؤثر عليها  إلى الآن ليس الألم وإنما الروتين الطبي، والأخطاء المرتبطة بالإجراءات، فخطأ واحد في ورقة الضمان الاجتماعي مثلا كان يكلفها ذهابا وإيابا في سيارات الأجرة، والأكثر من ذلك أنها تكون تحت تأثير العلاج. عدم الإحساس بالمريض بهذه الطريقة تسقطه في معاناة مضاعفة ( تقول وهي تذرف الدموع).

عودة المرض… قوة وأمل

مرضى سرطان الثدي أو سرطان  عنق الرحم بعد الشفاء يبقون على إجراء الفحوصات كل ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر مدى الحياة، لأن  احتمال عودة المرض واردة جدا، وذلك ما حصل فعليا للسيدة سكينة هذه السنة، حيث تم تشخيص المرض اللعين مجددا.

سكينة استقبلت المرض بصدر رحب وقوة أكبر من تجربتها الأولى، واعتبرت أن ما تمر به أشبه “بزكام موسمي”،  وتقول إنها لم تعد تولي اهتماما للمرض لأن التفكير الزائد لن يغير من الأمر شيئا، على عكس عائلتها التي هلعت من جديد.

من المرض الى التطوع

تقول سكينة إن المرض اللعين “نعمة” مكنتها من العثور على نفسها، مثلما هو حال العديد من النساء المصابات، فأصبحت أكثر إقبالا على الحياة، وأرادت أن تساعد الناس من خلال تجربتها، فانخرطت بالعمل التطوعي في مؤسسة لالة سلمى لمرضى السرطان.

ولا يقتصر تطوعها على المساعدة النفسية فقط، بل إنها أحيانا تأوي في بيتها مريضات  ينحدرن من مدن أخرى، يعشن وضعا ماديا صعبا، فتقصر عليهن المسافات ومشاق الطرق وتحاول تخفيف وطأة الألم.