جهود المغرب في مكافحة العنف ضد النساء

- Advertisement -

يولي المغرب، منذ تسعينات القرن الماضي، أهمية كبيرة للنهوض بحقوق المرأة وتمكينها في شتى المجالات؛ إذ يعد من أوائل الدول العربية التي اهتمت بشكل بالغ بمحاربة ظاهرة العنف ضد النساء، من خلال مجموعة من الإجراءات، مكنت من ضمان الترسيخ الدستوري والقانوني لمحاربة هذه الظاهرة. 

القانون 103.13 لمحاربة تعنيف النساء

وتعتبر المملكة المغربية من بين الدول العربية السباقة التي وضعت إطارا قانونيا لمحاربة العنف ضد النساء، وهو الإجراء الذي أملته مجموعة من الاعتبارات، على رأسها تنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بعدم التمييز وضمان سلامة الأفراد. 

ويشكل القانون 103.13، المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي صدر بالجريدة الرسمية بتاريخ 12 مارس 2018، ودخل حيز التنفيذ يوم 12 شتنبر 2018، نقلة نوعية في مسار النهوض بأوضاع المرأة المغربية. 

ويهدف هذا القانون، إلى توفير الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف، من خلال أربعة أبعاد أساسية، تروم ضمان الوقاية والحماية وعدم الإفلات من العقاب والتكفل الجيد بالضحايا.

وبمجرد صدور هذا القانون، عملت وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، بوصفها القطاع الوزاري المسؤول عن تنسيق الجهود الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، على إعداد المرسوم التطبيقي رقم 2.18.856، الذي ساهم صدوره في تأطير مجموعة من الوضعيات التنظيمية التي تنصرف بالأساس على آليات التكفل بالنساء ضحايا العنف.

ومن بين آليات التكفل بالنساء ضحايا العنف، تفعيل اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، ومأسسة الخلايا المركزية واللاممركزة للتكفل بالنساء ضحايا العنف على مستوى المحاكم، وكذا القطاعات المكلفة بالعدل والصحة والشباب والمرأة والمديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي.

توفير مراكز لإيواء النساء المعنفات

وعلى مستوى توفير مراكز لإيواء النساء ضحايا العنف التي توفر الوقاية والحماية والتكفل للنساء ضحايا العنف، تم الانتقال من حوالي 44 مؤسسة تم التعاقد معها في دجنبر 2021 إلى توفير 105 مؤسسات متعددة الوظائف إلى حدود نهاية 2023، بفضل شراكات متنوعة من الفاعلين المختلفين، فضلا عن التعاقد مع مجموعة من الجمعيات للتسيير المشترك لهاته المؤسسات.

وبالإضافة إلى ذلك، أنجزت الوزارة الوصية، خلال سنة 2023، جملة من التدابير التوعوية والتواصلية، أبرزها إطلاق الحملة الوطنية الواحدة والعشرون لوقف العنف ضد النساء والفتيات بتعاون مع مكونات القطب الاجتماعي، والترافع عبر المنابر الأممية والدولية حول ما حققه المغرب من تقدم في موضوع محاربة العنف ضد المرأة.

دعم مالي للوقاية والتكفل والتوجيه والاستماع

وبخصوص الدعم المالي المخصص للوقاية والتكفل والتوجيه والاستماع، قامت الوزارة بعدة تدخلات، منها استفادة النساء ضحايا العنف من التكوين في مجال التمكين الاقتصادي بالفضاءات متعددة الاختصاصات، من خلال المنصة الرقمية للتعلم عبر الإنترنت في المهارات الشخصية “COURESERA”، الذي خصصت لها الوزارة مبلغ 1.313.337 درهم، قابلة للتجديد على مدى ثلاث سنوات.

علاوة على توقيع اتفاقيات شراكة مع التعاون الوطني بغية استكمال إحداث 105 فضاء متعدد الاختصاصات للنساء بمبلغ مالي يصل إلى 62 مليون درهم، تم إنجازها برسم سنتي 2022-2023.

وأطلقت الوزارة الوصية برنامجا وطنيا للتمكين الاقتصادي والشمول المالي للنساء مع جميع جهات وأقاليم المملكة تستفيد منه حاليا أزيد من 84000 امرأة. 

فضلا عن تعزيز منظومة اليقظة الرقمية لإشعار النيابة العامة والتدخلات الميدانية حين يتعلق الأمر بالحالات الاجتماعية الاستثنائية والطارئة.

المرصد الوطني للعنف ضد النساء

يعد المرصد الوطني للعنف ضد النساء، الذي أحدث سنة 2014،  آلية وطنية ثلاثية التركيب، تجمع شركاء مؤسساتيين وجمعويين وباحثين يمثلون مراكز الدراسات والبحث بالجامعات.

وتعتبر هذه المبادرة تتويجا لمسار طويل انطلق منذ سنة 2005 وتعزيزا لباقي التدابير والإجراءات الوطنية المبرمجة والمسطرة لمناهضة العنف ضد النساء.

وتهدف المبادرة إلى رصد مختلف أشكال وتمظهرات العنف الممارس ضد المرأة وطنيا وجهويا، والمساهمة  في تجميع المعطيات وتطوير المعرفة بهذا المجال من أجل توجيه السياسات العمومية المتعلقة  بمناهضة العنف ضد النساء.

وفي ظل كل ما تم إحداثه في مجال مناهضة العنف ضد المرأة، وفي ظل المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقع عليها المغرب لمحاربة العنف ضد المرأة، ما زال المجتمع المغربي يعاني من انتشار هذه الظاهرة، بل ويكابد من تطورها وزيادة نسبتها أيضا، وهذا ما سنلامسه من خلال معطيات المقال الثاني المعنون ب “العنف ضد المرأة المغربية..أرقام وإحصائيات”. 

علاء البكري