الساعة تشير إلى الحادية عشر صباحا من يوم خريفي غائم بمدينة مونريال. في شارع “سانت كاثرين”، الشريان التجاري الرئيسي للمدينة الكندية، حيث يستكشف السياح معالم هذا الفضاء المتميز، الذي تزيده ألوان الخريف جمالية وتمنحه هدوءا.
في الأصل كان الشارع يحمل اسم “سانت جونفييف” قبل أن يتم اختيار اسم “سانت كاثرين” رسميا في أوائل القرن التاسع عشر. يحيل الاسم إلى كاثرين إليزابيث، زوجة أحد أبناء جاك فيجي، أول عمدة لمونريال.
قصة تاريخية
يتكون فضاء شارع سانت كاثرين من نواة رئيسية تمتد نحو الغرب والشرق. كان الشارع آنذاك يوجد في قلب الأحياء البورجوازية الكبيرة التي ظهرت منذ منتصف القرن التاسع عشر.
ومنذ ذلك الحين، أصبح الشريان التجاري الرئيسي لمونريال، ويحظى بإشعاع كبير.
يضم هذا الشارع حاليا محلات تجارية ومطاعم ومراكز للتسوق. غير أنه يشتهر أيضا بمعالمه التاريخية وساحاته الفسيحة، من قبيل ساحة الفنون.
وبالنظر للمكانة التي يحتلها شارع سانت كاثرين في تاريخ مونريال وثقله الاقتصادي، فإنه يعد غالبا وجهة مفضلة للسياح.
حي متعدد الأعراق
على شرفة مقهى “تومي” الشهير، يستمتع عبد الله سعيد ثروت وزوجته وأطفاله الثلاثة بتذوق مشروبات تقليدية، متأملين سحر المكان.
بالنسبة لهذا الفلسطيني، الذي يقطن في لونغويل، فإن التنزه في شارع سانت كاثرين يعد بمثابة تقليد تدأب عليه الأسرة، ولو لمرة واحدة على الأقل كل شهر.
وتضيف زوجة عبد الله، بينما يقوم الأطفال بالتقاط صور بالهاتف: “آتي لزيارة هذا الشارع بانتظام قبل أن أقصد باقي المواقع التاريخية، ولا سيما المرفأ القديم”.
يضج شارع سانت كاثرين بالحركة، سواء في النهار أو الليل، لاسيما بفضل الأجواء التي يضفيها الموسيقيون الذين يقومون غالبا بأداء الأغاني التقليدية لبلدانهم الأصلية.
يتحدث أحمد خياري، الذي يعمل في متجر شهير في المركز التجاري “إيتون”، بفخر عن هذا الشارع الذي يجسد جوهر الهوية الكندية القائمة على تعدد الثقافات.
ويقول هذا المغربي المنحدر من مولاي إدريس: “أعمل في هذا المتجر منذ عقد من الزمن وأستقبل الزوار من كافة الجنسيات على مدار السنة”.
الساعة تشير إلى الخامسة مساء. الظلام يخيم، لكن الشارع لا يفقد سحره، إذ يفسح زوار النهار المجال لمحبي الجولات الليلية، الذين يسعون للتخلص من تعب يوم طويل من العمل. فبالنسبة لهم، سحر شارع سانت كاثرين يبدأ للتو.
تعتبر روي مادي، إحدى سكان منطقة الميناء القديم والشغوفة بالأجواء المسائية التي تميز شارع سانت كاثرين، أن السياح أصبحوا يؤثثون فضاء هذه المنطقة.
وتعبر هذه السيدة الستينية عن سرورها بلقاء زوار من مختلف أنحاء العالم يأتون لاكتشاف سحر مونريال وشارع سانت كاثرين.
وحسب تقديرات مكتب المؤتمرات والسياحة في مونريال الكبرى، يرتقب أن تستقبل المدينة أزيد من 11.5 مليون زائر هذا العام، بزيادة تناهز 5 بالمائة مقارنة بسنة 2023.