يعد شهر رمضان المبارك أكثر الأشهر قداسة في العالم الإسلامي، ويتميز بالكثير من العبادات والتقاليد الاجتماعية التي تجسد روح الوحدة والتقوى.
وإلى جانب الطقوس الدينية، تتفنن كل دولة إسلامية في صنع أطباقها الخاصة على المائدة الرمضانية؛ ولكل طبق نكهته ومكوناته التي تساعد على فتح الشهية وتقبل طعام الإفطار بشكل أفضل.
وفي المغرب، يتفنن المغاربة في إعداد مجموعة من الأطباق الرمضانية التي تمثل جزءاً مهماً من عاداتهم وتقاليدهم الموروثة عبر الأجيال.
وتكتظ المائدة الرمضانية المغربية بعدد من الأطباق الشهية التي تجسد التنوع الثقافي للمملكة وتلبي احتياجات الصائمين من الطاقة والتغذية.
الحريرة: طبق رمضان الأول
تعتبر “الحريرة” أحد أشهر الأطباق المغربية التي لا تخلو منها أي مائدة رمضانية.
ويتميز هذا الحساء المميز بلونه الأحمر الفاتح وطعمه الغني، ويُعدّ عادةً من مكونات أساسية مثل الطماطم، العدس، الحمص، اللحم (أو الدجاج)، الشعرية، وخلطة التوابل الخاصة التي تضفي عليه نكهة فريدة.
وتُعد الحريرة طبقًا متكاملًا، وعادة ما تقدم إلى جانب التمر وحلوى “الشباكية” المغربية الشهيرة التي تتزين بالسمسم والعسل.
ويعتبر تناول الحريرة في شهر رمضان تقليدًا لا يمكن الاستغناء عنه، خاصة أنها تساعد على تعويض السوائل والمواد الغذائية بعد ساعات من الصيام.
سلو والشباكية: طقوس رمضانية متوارثة
يستعد المغاربة لشهر رمضان منذ منتصف شهر شعبان، حيث تلتزم كل أسرة بتحضير طبق “سلو”، وهو مزيج من الدقيق المحمص، اللوز المقلي، السمسم، والسكر، الذي يُعجن بالزبدة وماء الزهر.
و“سلو” هو طبق غني بالطاقة والفيتامينات، ويُتناول في بداية شهر رمضان ليمنح الجسم القوة والطاقة في الأيام الأولى من الصيام.
أما “الشباكية”، فهي حلوى رمضانية شهيرة تحظى بشعبية كبيرة، وهي عبارة عن معجون من الدقيق واللوز والسكر، يتم قليها في الزيت ثم غمرها في العسل.
وتحظى الشباكية بأهمية خاصة في المائدة الرمضانية المغربية، إذ تُعدّ رمزًا للضيافة والكرم.
ويحرص المغاربة على تحضير الشباكية في المنزل، حيث يتم تحمير الدقيق في الفرن المحلي وتحضير العسل في البيت، ما يضيف إليها “ريحة رمضان” التي لا مثيل لها.
المسمن: فطيرة رمضانية لا غنى عنها
ومن بين الأطباق الشعبية الأخرى التي تجد مكانها على المائدة المغربية في رمضان هي “المسمن”.
هذه الفطيرة التقليدية تعتبر من الأطباق التي تُعدّ بشكل يومي تقريبًا في بعض الأسر المغربية.
ويتم تحضير المسمن من خليط الدقيق والماء والملح، ثم يتم فرده بشكل مربع ويقلى في قليل من الزيت على نار هادئة.
ويتم تقديم المسمن عادة مع الزبدة والعسل، وهو طبق مثالي للإفطار أو حتى السحور.
الطاجين: تنوع لا محدود في الطهي المغربي
يعد “الطاجين” أحد الأطباق الرئيسة التي لا تغيب عن المائدة الرمضانية المغربية.
ويتم تحضير الطاجين بطرق متنوعة تبعًا للمنطقة، حيث يشتهر أهل سوس بتحضير الطاجين باستخدام الخضروات ولحم الماعز المنكه بزيت الأرَكان.
بينما يفضل أهل الغرب الطاجين باللحم والبرقوق المعسل أو الدجاج المحمض بالزيتون، والمزين بالزعفران المغربي الحر.
الحلويات المغربية: زينة المائدة الرمضانية
لا غرو أن الحلويات هي جزء لا يتجزأ من المائدة الرمضانية المغربية، حيث تحرص النساء على تحضير مجموعة متنوعة من الحلويات المميزة باستخدام الدقيق، السكر، اللوز، العسل ومعجون التمر.
هذه الحلويات عادة ما تُستهلك خلال فترة السحور أو بين الإفطار والسحور.
ولعل من أبرز الحلويات التي تزين المائدة الرمضانية المغربية “البسطيلة” المحشوة باللوز والعسل، بالإضافة إلى “المقروط” و”الغريبة”، التي تُحضّر بطرق خاصة ومذاق غني، ما يجعلها أكثر من مجرد حلويات، بل جزءًا من التراث الثقافي المغربي.
