يثير مشروع القانون الفرنسي الجديد لحظر الحجاب في الرياضة جدلًا واسعًا بين مؤيد يرى فيه خطوة لتعزيز العلمانية، ومعارض يعتبره تمييزًا صارخًا ضد النساء المسلمات.
وفي خضم هذا النقاش، تجد الرياضيات المحجبات أنفسهن أمام خيار صعب بين ممارسة شغفهن الرياضي أو الالتزام بمعتقداتهن الدينية.
رياضيات في مواجهة قرار الإقصاء
ومن بين المتضررات سيلفي أيبيرينا، الرباعة الفرنسية، التي أصبحت بطلة فرنسا في فئة الهواة العام الماضي، في رياضة لم تكتشفها إلا في سن الأربعين.
لكنها اليوم تواجه مستقبلًا مجهولًا، بعدما بات الحجاب، الذي ترتديه بفخر، عائقًا أمام استمرارها في المنافسات.
تقول أيبيرينا بحسرة: “أشعر وكأنهم يحاولون تقييد حرياتنا أكثر فأكثر. كل ما نريده هو ممارسة الرياضة”.
وتتدرب سيلفي خمسة أيام في الأسبوع في ضواحي باريس، وهي تعلم أن مشروع القانون الجديد قد يحرمها من ممارسة رياضتها المفضلة، بعدما قررت الحكومة حظر الرموز الدينية في جميع المسابقات الرياضية المحلية، سواء على مستوى المحترفين أو الهواة.
بين العلمانية والتقييد
تعتمد فرنسا نظامًا علمانيًا صارمًا يمنع الموظفين الحكوميين والمعلمين والتلاميذ والرياضيين الذين يمثلون البلاد دوليًا من ارتداء رموز دينية ظاهرة، مثل الصليب المسيحي، الكيباه اليهودية، عمامة السيخ، أو الحجاب الإسلامي.
وحتى الآن، كانت الاتحادات الرياضية تقرر بشكل فردي ما إذا كانت تسمح بارتداء الحجاب، لكن القانون الجديد يسعى إلى فرض حظر شامل.
ويرى أنصار القرار أنه يضمن الحياد الديني في الرياضة ويساعد على محاربة التطرف، فيما يعتبره المعارضون تمييزًا يستهدف النساء المسلمات تحديدًا، في ظل غياب أي دليل على علاقة الحجاب بمخاطر أمنية أو مشكلات في الرياضة.
انقسام سياسي ورياضي
تمت الموافقة على مشروع القانون في مجلس الشيوخ الفرنسي في فبراير الماضي، ومن المقرر عرضه قريبًا على مجلس النواب للتصويت النهائي.
وبينما يؤيده البعض باعتباره وسيلة لوقف ما يسمونه “الانتهاك الإسلامي”، يشير المعارضون إلى تقرير وزارة الداخلية لعام 2022، الذي لم يجد أي دليل على انتشار التطرف في المجال الرياضي.
في الأوساط الرياضية، واجه القرار انتقادات حادة، حيث اعتبر بطل الجودو الأولمبي تيدي رينر أن فرنسا “تضيع وقتها” في مثل هذه القوانين، داعيًا إلى التركيز على المساواة بدلًا من استهداف دين معين.
لكن وزير الداخلية برونو روتايو ردّ عليه بشدة، واصفًا الحجاب بأنه “رمز للخضوع”.
الرياضة كوسيلة للاندماج أم الإقصاء؟
بالنسبة لـ سيلفي أيبيرينا، التي اعتنقت الإسلام في سن التاسعة عشرة، لم يكن الحجاب يومًا عائقًا في مسيرتها الرياضية، إذ سمح به اتحاد رفع الأثقال، ولم تواجه أي تمييز من زميلاتها في التدريب.
لكنها ليست الوحيدة التي تواجه هذا الواقع الجديد. سامية بولجدري، شابة فرنسية من أصل جزائري، لعبت كرة القدم مع ناديها لأربعة أعوام، لكنها اضطرت إلى ترك الفريق بعد قرار منعها من اللعب بالحجاب.
وتقول بولجدري بغضب: “لقد أنهوا سعادتي فجأة بسبب وشاح. هذا الأمر جعلني حزينة جدًا”.
أما أودري ديفو، الفرنسية البالغة من العمر 24 عامًا، والتي اعتنقت الإسلام قبل بضع سنوات، فقد اضطرت إلى التوقف عن لعب كرة السلة، لكنها استمرت في تدريب فريق للسيدات.
ومع ذلك، يُمنع عليها الجلوس على مقاعد البدلاء بالحجاب، ما يضطرها إلى توجيه اللاعبات من المدرجات.