فاطمة الزهراء غالم تتساءل …هل فشلت السياسات الدولية في مواجهة الأزمات البيئية ؟

- Advertisement -

على مر العقود الماضية، ظلت السياسة الدولية بطيئة في تعاطيها مع الأزمات البيئية وخاصة أزمة المناخ العالمي، التي تزيد حدتها يوما عن يوم منذ دُقَّ ناقوسُ الخطرِ خلال سبعينيات القرن الماضي.
فالدول لحدود اليوم لمْ تبدِ التزاما حازما بمبادئ الاتفاقية الإطارية بشأن المناخ المنعقدة في 1992 بعاصمة البرازيل، الدولة التي شهدت أكبر الغابات الاستوائية بحدودها حرائق مهولة خلال الشهر الجاري دامت حوالي 15 يوما، وعجزَ طبعُ ملامحِ السياسة اليمينية المتطرفة لرئيسها خايير بولسونارو في التعاطي مع طارئ احتراق رئة الأرض، واستمراره في تبادل التهم مع الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون؛ حيث اعتبر بولسونارو أن محاولة التدخل لإخماد حريق الأمازون له أهداف استعمارية وكأنه الوقت المناسب لرد الصاع.
كما أن البرازيل بقيادة اليمين رفضت استضافة قمة المناخ في دورتها الخامسة والعشرين المقررِ انعقادها نهاية السنة الجارية، حيث كانت الدولة الوحيدة المرشحة لاستضافتها.
ولا يخفى على كل متتبعٍ للسياسة الدولية وتعاطيها مع قضايا البيئة، التشدد الذي تواجه به الأحزاب اليمينية الطوارئ البيئية، فقد لمَّح الرئيس اليميني لدولة البرازيل في وقت سابق انسحاب بلده من اتفاق باريس للمناخ الذي انعقد نهاية 2015 مجدِّدا التزامات الدول في التعاطي مع أزمة المناخ العالمية.
ليست سياسة البرازيل وحسب، بل سبق وانسحبت من الاتفاق أكثر الدول الملوثة في العالم، بصعود الحزب الجمهوري بزعامة دونالد ترامب سيرا على نهج الرئيس السابق جورج بوش الذي رفض الجلوس على طاولة المفاوضات خلال انعقاد اتفاق 1997 بشأن المناخ.
من هنا نستشف أن استمرار تصاعد الأحزاب المتشددة اتجاه القضايا البيئية، وتوليها قيادة الدول يشكل تهديدا حقيقيا لا يراعي الواقع الخطير الذي تعيشه الأرض من تزايد الارتفاع في درجات الحرارة واحتراق الغابات، أهمُّ مستودعاتِ للغازات المسببة للاحترار العالمي.
بصيغة أخرى، فقد أثبتت السياسة لوحدها عجزها في التعاطي مع الطوارئ البيئية لما تنطوي عليه من حسابات لا تخدم مصالح الأجيال في بيئة سليمة، فالأحرى تعبئة كافة الوسائل من هيئات ورفع التضييق عن المنظمات البيئية غير الحكومية وتمكينها من آليات العمل لمواجهة المخاطر البيئية.
ثم الأهم، تعبئة كافة شرائح المجتمع من خلال توعيتهم وتحسيسهم بالمخاطر التي تشهدها أمنا الأرض، فقد أشار الرئيس الفرنسي عقب انتهاء قمة السبع الكبار G7 ضرورة التزام المواطنين إلى جانب الدول لمواجهة الأزمة البيئية؛ وهنا يأتي دور الإعلام الذي بات يتجاهل وظيفته التوعوية والتثقيفية بشأن القضايا المعاصرة مما لا يبشر بالخير في العقود الموالية، فقد يندثر الغطاء الغابوي ويموت معه التنوع البيولوجي ويستوطن التصحر كل بقاع المعمور ليحتضر معه شيء اسمه الوجود على الأرض.
فكفى من اللامبالاة والحسابات السياسية الفارغة في مواجهة المخاطر البيئية.. وأذكر بأن البيئة هي قضية كونية مصيرية ترفض إخضاعها لأي مقايضات، فالأزمة شمولية لا تعترف بالحدود السياسية أو الاقتصادية وغيرها، الأزمة ندفع ثمنها اليوم لما نعيشه من ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة وتداخل الفصول وكأن الصيف هو الفصل الوحيد على طول السنة، ولنتذكر أن أجيالنا ستحصد مرارة هذا الفشل وهذه اللامبالاة والحسابات الفارغة في حل الأزمة البيئية.
وأختم بما قاله المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي في إحدى تصريحاته ” إن العالم يقف على مفترق طرق لم نشهده من قبل، وعلينا أن نقرر ما إذا كنا نرغب في إنقاذ البشرية ونحافظ عليها كما عرفناها، أم أننا سنخلق دمارا شديدا لا يمكن تصوره”.
—————————————————————————-

الاسم: فاطمة الزهراء غالم
باحثة في السياسات البيئية والإعلام