شهر محرم وحكمة جدي…

- Advertisement -

شهر محرم وحكمة جدي…

بقلم بشرى شاكر

وأنا ألوح بمنديل لأخرج ذبابة صغيرة دخلت البيت وتأبى أن تخرج، تذكرت أن لدي مبيد حشرات على شكل بخاخ وذهبت إليه لأحمله واقتلها هي الدخيلة التي ولجت بيتي…

ثم توقفت لحظة، فقد تذكرت إننا في شهر محرم، وعادت ذاكرتي إلى الطفولة، حينما كنا نزور البلد في العطل وصادف احدها  أن كانت بشهر محرم الحرام، تذكرت أني شاهدت عنكبوتا تدخل من الباب ودخلت إلى الداخل وخفت منها وذهبت عند جدي وطلبت منه أن يقتلها، فحملها خارجا، ووضعها ولم يقتلها، وقال لي لو رايتها مرة ثانية أخرجيها أو نادي احدهم يخرجها ولا تقتليها، نحن في شهر لا يقاتل فيه المسلم ولا يؤذي لا إنسانا ولا حيوانا….

المهم حينها كل ما فهمته، انه لا يجوز قتل عنكبوت ولا الحشرات ولا اذية الحيوانات ولا الشجار مع الناس ولكن لماذا لم افهم…

لكني فهمت فيما بعد أن جدي لم يكن يدافع عن العنكبوت فقط، بقدر ما كان يريد آن يوصل لي حكم شهر محرم والأشهر الحرم وانه كيف حرمت فيه دماء المسلمين وحرمت فيه الأذية….

نعم شهر محرم هو من بين الأشهر الحرم، شهر كان بداية التقويم  في العصر الجاهلي وكان يسمى المؤتَمِر ومع مجيء الإسلام، سمي بمحرم واستمر كأول شهر للسنة الهجرية والتقويم القمري، وهو من بين الأشهر الأربعة الحرم التي لا يستحل فيها المسلمون القتال ففي سورة التوبة “إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم، ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم “….

ولذلك فلا يجوز القتل ولا القتال ، ومع ذلك سجل التاريخ أن أوذي أل البيت وقتلوا في شهر حرم فيه القتال وهم مسلمون وحفدة رسولنا الكريم والآن يقتل الناس باسم دين الإسلام من قبل إرهابيي داعش وغيرهم من الفرق والمليشيات المنتشرة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وافريقيا بل في كل العالم ، وما يحدث من قطع للطريق وإجرام في المغرب وغيره من دول الشمال الإفريقي … فهل هؤلاء مسلمون؟؟؟ كل من يخوض حربا في كل الأشهر ويقتل المسلمين والذميين وأهل الكتاب هل هؤلاء مسلمون؟؟؟؟

قد يقولون أني نسيت تتمه الآية وهي التي أحلت قتال المشركين وهم يعتبرون من لم يتبع طريقهم مشرك وفاسد….

وقد يجدون تبريرا لذلك ويقولون انه يجوز النسيء والنسيء هو تأخير شهر حرام للشهر الذي يليه ولنعتبر النسيء يجوز، فأين هي الأشهر الحرم لديهم؟ لأن السنة كلها باتت قتالا لديهم… غير أن النسيء كان نهج المشركين قبل الإسلام فقد قال محمد بن إسحاق بن يسار :لا تجعلوا حلالها حراما، ولا حرامها حلالا كفعل أهل الشرك وهو النسيء …

بل أقوى من ذلك قوله سبحانه وتعالى:” إنما النسي زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين”

شهر محرم إذن شهر لم يحل فيه القتال ولا الأذية ولا الظلم ولا الجور وهيئ للعمل الصالح ويقال العمل الصالح أعظم أجرا في الأشهر الحرم، والظلم فيهن أعظم من الظلم فيما سواهن…

حتى الصيد منع فيه وأذية الحيوانات وما نراه من تفجير ولعب بمتفجرات خطيرة في بلدنا المغرب، تؤذي الإنسان والحيوان والشجر والمباني، ليس من شعيرة شهر محرم في شيء ولم نعلم لها موطن تاريخ وما هي سوى وسيلة تأهيل لمجرمي المستقبل والأدهى أن من يبيعهم هذا الموت بين ايديهم راشدون –عاقلون-…

وأنا أتمعن فيما يحدث وأتحسر بنفس الوقت على المعنى الحقيقي لشهر محرم، فتحت الباب للذبابة وخرجت مسالمة، فهل كنت بحاجة لبخاخ لأزهق روحها؟؟؟