مدينة فم – برنامج إذاعي يصف الأطفال المتخلى عنهم باللقطاء، وهيئات حقوقية تدين ذلك…
تقرير بشرى شاكر
في برنامج “تأملات حياتية” الذي تعده وتقدمه الأستاذة رشيدة ركيك، -وعلى ما يبدو دون إشراف هيئة تحرير مختصة ولا أية هيئة مراجعة-، كانت المقدمة التي أعدتها وقدمتها ذات الأستاذة، مهينة بشكل كبير لعدد ليس باليسير من أفراد المجتمع سواء رغبنا بذلك أم لا فهم أبناء المجتمع وأبناء هذا الوطن…
قالت السيدة ركيك: ” تعتبر الظاهرة كارثة في مجتمعاتنا العربية الإسلامية بل فضيحة دينية وأخلاقية في ثقافتنا ومجتمعنا المغربي الذي يتشبث بأهمية عذرية الفتاة ويرفض ميلاد لقطاء ثمرة علاقة محرمة خارج قيم المجتمع لقبت أمهاتهن بأمهات عازبات حاملات بأبناء الحرام … وكأنه علينا نحن كمجتمع أن نتعايش مع هاته الظاهرة” !!!
سيدتي، بداية، مجتمعاتنا أساسا عرفت باختلافها وتنوعها ولم تكن حكرا على مجتمع إسلامي عربي بل كانت مجتمعا يتزاوج فيه الامازيغي بالعربي بالحساني باليهودي بديانة إسلامية وتعايش مع بقية المكونات المجتمعية دون إنكار الانتساب لهذا الوطن لأي مكون من المكونات…
الحديث عن فضيحة في حين أن هناك العديد من الفتيات مغرر بهن وفيهن المغتصبات ووسم المرأة بالفضيحة واختزالها في غشاء بكارة، عوض مساعدتها كما تحاول أن تقوم به جمعيات المجتمع المدني وإعادة تأهيلها داخل مجتمعها وإعادة دمجها وطفلها والدفع بالآباء البيولوجيين للاعتراف بأولادهم وتسجيلهم في الحالة المدنية، مثلما استطاع البعض من بينهم السيدة “عائشة الشنا” أن يفعل، فهو حديث يجعلنا نعود سنوات ضوئية للخلف…
أما الطامة الكبرى، فهي وصف هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين لم يختاروا نسبهم ولا توقيت ميلادهم ولا كيفية إنجابهم باللقطاء وهو اللفظ الذي لم ينطقه القانون المغربي بل حتى عبارة الأطفال المتخلى عنهم بدأت تتلاشى تدريجيا وكبرت المطالبات بتسوية وضعيتهم عبر قوانين تتناسب والمواثيق الدولية وهو ما تقدمت به إحدى البرلمانيات مشكورة، من مقترح قانون يلزم القضاء بإثبات نسبهم ما دام الأب البيولوجي معلوماً وغير مجهول.
ويقترح النص نسخ المادة 148 من مدونة الأسرة، وذلك بحذف جملة “لا يترتب عن البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية”، كما يقترح التأكيد في المادة 155 على إثبات النسب الناتج عن الشبهة بجميع الوسائل المقررة شرعاً و”قانوناً” أيضاً.
وفي المادة 158، يقترح النص إثبات النسب بالفراش أو بإقرار الأب أو بشهادة عدلين أو ببينة السماع وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعاً و”قانوناً”، بما في ذلك الخبرة القضائية، وفي المادة 156: “إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل في إثبات النسب كما هي مقررة في المادة 158”.
أما تساؤلها الغريب: وكأنه علينا نحن كمجتمع أن نتعايش مع هاته الظاهرة؟
الجواب: نعم علينا نحن كمجتمع أن نتعايش مع الظاهرة، لأنها ظاهرة إنسانية لأطفال يحتاجون لحضن وطن بدل حضن أسرة تخلت عنهم، لأطفال يحتاجون أن يكبروا دون أن تشير إليهم الأصابع فكيف لو كان الإعلام من يجب أن يكون لسانهم هو من يهينهم؟؟؟
العديد من الحقوقيين استهجنوا ما جاء في البرنامج وبالأخص في مقدمته التي تتبناها المعدة والمقدمة ومن بينهم “سمية مسرور”، صاحبة مبادرة صفحة كفالة اليتيم بالمغرب والتي قالت:
“لا يوجد أحد يختار من يكون ولا أحد يختار القدر الذي يولد فيه، لكن هناك أطفال تخلت عنهم أسرهم البيولوجية لأسباب عديدة ليس فقط عدم رغبة في وجودهم في حياتهم، بل أيضا هناك أسباب أخرى كثيرة، ومن هذه البدايات المؤلمة بدأت رحلة دخول هؤلاء الصغار حياة أسر حرمت من الإنجاب، وسيدات قدرهن أنهن لم يتزوجن لينجبن أطفال، حرمن من الأمومة لكنهن احتضن هؤلاء الأطفال، وعندما يأتي أحد لينعتهم بألفاظ جارحة فهذا لا يعبر عن نظرة المجتمع مع الأسف الشديد، بل يعبر عن الشخص نفسه وفقدانه قيم الإسلام الذي كرم الأيتام والإنسان على حد سواء، يؤسفني أنه في المغرب لازال البعض يعاني من التأخر في الاستجابة للمتغيرات وما يتجدد فيها…”