المسلم ورمضان في ظل فيروس كورونا المستجد”- الفقيه محمد بوزيد

- Advertisement -

المسلم ورمضان في ظل فيروس كورونا المستجد

الفقيه وخطيب الجمعة الاستاذ محمد بوزيد- المملكة المغربية

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

وبعد بادئ ذي بدء أهنئ الأمة الاسلامية بحلول شهر رمضان المبارك سائلا من الله العلي القدير ان يدخل علينا هذا الشهر المبارك بموفور الصحة والعافية والسلامة من كل وباء كما أسأله تعالى ان نخرج من هذه الجائحة سالمين من الأذى انه ولي ذلك والقادر عليه

وبما أن المناسبة شرط في الكلام موضوعي في هذه العجالة ” :المسلم ورمضان في ظل كورونا فيروس المستجد أو كوفيد 19 ،” فهذا الشهر فيه شرف عظيم لا يحظى به ولا يوفق له إلا الربانيون وذلك باستشعار أن الصيام عبادة لا عادة وأن ثمرته المرجوة هي التقوى إذ أنها الحكمة منه ومن فرض الصيام فيه كما أشار إليها جل وعلا في آيات الصيام ” لعلكم تتقون ” فعلى الصائم أن يكون دائما في حضرة الله تعالى وأن يستغل كل فرصة تزيده قربا من الله وذلك باغتنام مواسم الخيرات قبل فواتها وأن يحبس نفسه عن زلاتها وهفواتها وليعلم أن الفرص لا تدوم وأن الأعمار محددة بأجل معلوم ونفحات هذا الشهر من نفحات الرحمن من تعرض لها لا يشقى بعدها أبدا، ولكي نقضي رمضان في خشوع وروحانية ينبغي اتباع ما يلي:

أ/ المحافظة على الصلاة في وقتها

ب/ استغلال نهار رمضان بزيادة الارتباط بكتاب الله اما حفظا أو قراءة وتدبرا والاطلاع على ما تيسر من تفاسيره، ليكون نهار الصائم نهار عبادة لا نوم وكسل وخمول كما هو حال كثير من الصائمين في هذا الزمان

 ج/ على الصائم أن يتفاعل مع واقع إخوانه المسلمين المستضعفين بالبذل والمساعدة والعطاء والمشاركة ما أمكن في الإغاثة ودعم المشاريع الخيرية التي يعود ريعها لإخواننا المنكوبين وأن يحرر المسلم نفسه من الشح والبخل خصوصا ونحن في حالة طوارئ، فالفقراء ازدادت معاناتهم وليتصف المسلم بالجود والإحسان فليس للإحسان جزاء إلا الإحسان ولا تتراجع أيها المسلم إن قصدك بالسؤال ضعفاء الحال فإسعاد هؤلاء الفقراء سبيل إلى رضوان الله والجنة ومما لا شك فيه أن الفرحة تغمر الفقراء لقدوم شهر رمضان فكل دقيقة تقربهم من الشهر الكريم تزيد السعادة في قلوبهم وأملهم القوي أن الأغنياء لن يتخلوا عنهم وأن فضل الله الواسع سوف يشملهم وسوف ينعمون بالخير الكثير، وقد ذكر الله تعالى الحكمة من مشروعية الصيام وفرضه علينا في قوله ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ” قد ذكر بعض أهل العلم أن من جملة مسائل التقوى التي يحض عليها الصيام أن يشعر الغني بحال الفقير وكيف أنه يعاني الجوع والحاجة فيدعوه ذلك إلى الإحسان إليه ودفع حاجة أخيه وهذا من جملة التقوى، فالتقوى اسم جامع لفعل كل خير وترك كل شر قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي في الصيام خير كثير فإنه يذكر الأغنياء بالفقراء والمحتاجين، فإن الإنسان إذا جاع وعطش مع قدرته أو علمه أنه في آخر النهار سيجد الطعام وسيجد الشراب سيتذكر الفقير الذي لا يجد طعاما ولا شرابا ولذلك قالوا إن هذا الصيام فيه مصلحة عظيمة للإنسان من جهة تذكره بالضعفاء وخاصة إذا كان من الأغنياء والأثرياء

د/ صلاة التراويح أو القيام وهي من الأمور التي تكلم فيها الناس كثيرا وأطالوا الكلام فيها هل نصلي التراويح خلف التلفاز أو الأجهزة الذكية هل نصلي من المصحف هل وهل وهل … ندائي للصائمين : هل تعلم من أنت الآن أخي الصائم ؟ أنت الآن إمام أهل بيتك فاحمد الله تعالى على ذلك فلم تكن ترى أبدا أنك أهلا للإمامة فقد وفقك الله لها فلا تضعها عليك بإمامتهم بما تستطيع وان كنت لا تحفظ خذ المصحف ولا تضيع أجر وفضل القيام في رمضان فكل حرف من القرآن تقرأه لك حسنة والحسنة بعشر أمثالها، قال أيوب السختياني كما في مصنف عبد الرزاق كان ابن سيرين يصلي والمصحف الى جنبه فاذا تردد نظر فيه وإن كنت لا تتقن فلا ينبغي لك أن تتأخر مادام ليس هناك من هو أفضل منك (واعلم) أنك مأجور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له اجران أي يقرأ بمشقة وتعب فله أجر المشقة وأجر التعب”، فتقدم ولا تضع هذا الفضل الذي شهد به رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقكم الله تعالى جميعا لما يحب ويرضى

ومن محاسن إقامة صلاة التراويح في البيوت أنها ستعيد للتعبد روحانيته بعدما أصبح طقسا و مظهرا عند كثير من البشر ولا عيب في ذلك لأن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته الا المكتوبة ولنا في السلف الصالح القدوة في ذلك يقول ابن القاسم رحمه الله تعالى كما في المدونة سألت مالكا ـ رضي الله عنه ـ عن قيام الرجل في رمضان أمع الناس آحب إليك أم في بيتهِ فقال إن كان يقوى في بيته فهو أحب إلي وليس كل الناس يقوى على ذلك

 هـ/ رمضان فرصة للرجوع إلى الله سبحانه وتعالى بالتوبة الصادقة النصوح فهي خير ما نستقبل به أيام هذا الشهر المبارك وهي أفضل ما يقربنا من نفحات رمضان وأن نكون فيه من الفالحين قال تعالى “وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ” ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر بها نفسه مرارا وتكرارا ويعلم أمته ذلك حتى قال ابن عمران كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة رب اغفر لي وتب علي انك انت التواب الرحيم

و/ ولكي تكتمل روحانية هذا الشهر لا بد للمسلم أن يلتزم بالحجر الصحي ومن لا يلتزم بالحجر الصحي للوقاية من فيروس كورونا، يكون آثما شرعا لأنه من باب الإلقاء بالنفس الى التهلكة

نصيحتي لإخواني بعدم التساهل بهذا الأمر والتقيد بما يصدر من توجيهات صحية وهي مناسبة للقنوت الى الله والتضرع اليه سبحانه وتعالى لصرف مرض كورونا لكونه نازلة من النوازل ومصيبة من المصائب التي حلت بكثير من بلدان العالم فائدة: ينبغي للصائم بين الفينة والأخرى أن يتوجه الى الله بالدعاء بما شاء من خيري الدنيا والآخرة حال صومه أو عند فطره، فدعاؤه مستجاب فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن دعوة الصائم لا ترد فقد أخرج البيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث دعوات لا ترد وذكر الحديث وفيه ودعوة الصائم، وقد ورد الحديث بلفظ آخر في مسند الامام أحمد وغيره : ثلاثة لا ترد دعوتهم … من بينها الصائم حين يفطر، وهذا يفيد أن الدعوة المستجابة للصائم تكون وقت إفطاره وفي رواية أخرى رواها ابن ماجه عن ابن أبي مليكة عن عبدالله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان للصائم عند فطره دعوة لا ترد وظاهر هذه الأحاديث أن الدعاء المستجاب للصائم يكون في حال الصيام وعند الإفطار للأحاديث الواردة.

 وختاما نسأل الله تعالى أن يتقبل صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا كما نتوجه الى الله بأكف الضراعة أن يرفع عن البشرية ما حل بها، اللهم انا ندعوك كما امرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا هذا الدعاء ومنك الاجابة، اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء اللهم اكشف عنا هذا الوباء يا عالم كل خفية يا صارف كل بلية ندعوك بما اشتدت به فاقتنا وضعفت قوتنا وقلت حيلتنا اللهم ارحمنا وأغثنا والطف بنا و تداركنا بإغاثتك انك تقدر ولا نقدر وأنت على كل شيء قدير والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته