عواطف الغالي ترصد مساهمة النساء في التاريخ

- Advertisement -

عواطف الغالي ترصد مساهمة النساء في التاريخ

سامية الوردي العلوي

شكل منجز الباحثة عواطف الغالي رؤية إسهامية رائقة، من خلال بحث حصيف لبعض النساء الشهيرات في التاريخ الوسيط اللواتي كن يشاركن الرجال في وظائف متعددة حتى أسسن لأنفسهن مكانة لائقة فانفتحن على مهام جعلتهن في مصاف التجاوز لمفهوم القيد. ونساء ذات مكانة ريادية عالية في الأدب والسياسة والعلوم والفن والصناعات المتنوعة، منهن الصليحية وأروى ملكتا اليمن ومنهن العديد من النساء اللواتي خضن في مختلف المجالات فتركن بصمات واضحة المعالم في التراث الغربي خاصة والإنساني عامة . حيث استطاعت بعض النساء في التاريخ الوسيط أن تبني صرحا تُذكرن به، وتُنرن طريقا تهتدي به البشرية، فكانت الشاعرة والأديبة والملكة والحاكمة وكانت أيضا المحاربة والحكيمة.

وذكرت الباحثة عواطف أن أولاء النسوة على قلتهن كن ذوات شهرة واسعة في العصر الوسيط وتركن بصمات واضحة بما قدمنه في مختلف المجالات، فخلدن أسماءهن في التاريخ، فذكرت منهن بعض الأسماء ذات الشهرة الواسعة ممن تركن تاريخا حافلا بالإنجازات يحسب في رصيد المرأة في العصر الوسيط؛ فقد دخلن في مجال العلوم من أوسع أبوابه لتثبتن قدرتهن على التميز والتفوق. وبفضل الاجتهاد المستمر والإرادة القوية التي ملأت قلوبهن شغفا للعلم والمعرفة؛ لتصبحن أديبات وشاعرات وفنانات وعالمات وخطاطات مجودات، ما جعل البعض يفتتن منذ القدم بحال المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية وخاصة في الغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط. وهكذا ثابروا في اقتفاء آثار المرأة المغربية والأندلسية التي طبعت التاريخ الوسيط بما أنتجنه من العبقرية والمنتجات العلمية والمعرفية والأدبية والشعرية والفنية. وقد ساهم ذلك إيلاء النساء اهتماما بالغا بلغ حد العناية بالأسماء والألقاب الجميلة والرائقة، فأطلقوا من الأسماء ما هو مستمد من جمال الطبيعة وأسماء الورود والزهور وما هو مقتبس من الأفلاك والأقمار؛ وحرصوا على تربيتهن على مكارم الأخلاق وعلى حب العلوم والأدب والشعر.

واستتبعت الباحثة عواطف بأن المرأة أضحت في الغرب الإسلامي في العصر الوسيط كانت ذات مكانة علمية ومعرفية لأنها نشأت في بيئة علمية وتعلمت مختلف العلوم، لذلك نبغ عدد كبير منهن في العلوم والآداب والفنون، وقد لمعت أسماء نساء عديدات في كل مجالات العلوم والآداب. فكان منهن حافظات للقرآن الكريم وكانت منهن الفقيهات والمفتيات في التاريخ الوسيط والشاعرات، وكانت منهن الأديبات والكاتبات والخطاطات والفنانات والمزخرفات.. فقد اتسمت شاعرات الأندلس بالفصاحة والبلاغة، كأنها الغريزة الراسخة في نفوسهن، وقد ذكر عددًا منهن، مثل: بثينة بنت المعتمد بن عباد وأمها الشاعرة الأميرة اعتماد الرُّميكية، وكانت بثينةُ هذه مثل أمها في الجمال ونظم الشعر، وحين وقع أبوها في أسر المرابطين ” كانت بثينة من جملة من سُبي، ولم يزل المعتمد والرّميكية عليها في ولهٍ دائمٍ لا يعلمان ما آل إليه أمرها، إلى أن كتبت إليهما بالشعر المشهور المتداول بين الناس بالمغرب. وهما مدفونان بضريح المعتمد بن عباد بأغمات بضاحية مراكش.
واتسمت الخطاطات من النساء بالبراعة والإتقان والإجادة، وكانت تُعلمنه للرجال والنساء. ومنهن من مارسن النساخة لجودة خطوطهن. ومنهن من كن كاتبات في البلاط، فقد “كان للخليفة عبد الرحمن الناصر كاتبة تدعى مزنة وصفت بالمهارة في الكتابة وحسن الخط” وكان كذلك للخليفة الحكم المستنصر كاتبة تدعى لبنى عرفت بالبراعة في الكتابة.. لم يكن في قصرهم – أي الخلفاء – أنبل منها، وكانت عروضية، خطاطة جدا.” وتذكر المصادر أن “لبنى بنت عبد المولى تكتب بالخط الجيد وتجيد قواعده، كانت كاتبة المستنصر بالله الأموي، توفيت سنة 374 هـ.”

وللإشارة فقد اعتمدت الباحثة في منجزها عن النساء على عدد من المراجع منها على سبيل الذكر: إسهام العلماء المسلمين في العلوم في الأندلس عصر ملوك الطوائف، سهى بعيون، ص 403. والصلة في تاريخ علماء الأندلس، ابن شكوال أبو القاسم خلف بن عبد الملك، قدم له وضبطه وشرحه صلاح الدين الهواري، 2/ 531…. و كتابة المصاحف في الأندلس، سهى محمود بعيون، ص 157. وأعلام النساء في عالمي العرب والإسلام، عمر رضا كحالة، 3/ 1358.