صدر أخيرا فيلم “المرأة الخارقة 1984” (Wonder Woman 1984) للمخرج بيتي جنكيز وبطولة غال غادوت وكريس باين، الذين قدموا من قبل الجزء الأول من الفيلم عام 2017، لكن على عكس ما تشتهيه رياح أستوديو دي سي السينمائي الذي رغب في تقديم سلسلة أفلام أبطال خارقين باهرة، أتى الفيلم مخيبا للآمال بصورة لم يتوقعها أحد.
وحصد الفيلم تقييما بدرجة 60% فقط على موقع “روتن توميتوز” (Rotten Tomatoes)، و5.5 على موقع “آي إم دي بي” (IMDb) الخاص بالجمهور، ليفشل من الناحيتين النقدية والشعبية معًا، لكن من أين أتى كل هذا الإحباط؟
عالم أبطال خارقين متداع
ينتمي فيلم المرأة الخارقة 1984 إلى سلسلة أفلام دي سي السينمائية للأبطال الخارقين، المستحوذة على أهم شخصيات عالم الكوميكس أو القصص المصورة مثل باتمان وسوبرمان وفلاش وغيرها، ومع ذلك أثبتت شركة وارنر أن أسماء الشخصيات البارزة ليست كافية لاستحقاق النجاح.
ومع الفيلم تلو الآخر قدمت السلسلة أعمالا سطحية جدا، تحمل كل عيوب أفلام الأبطال الخارقين، من هشاشة في العرض ومشكلات في السيناريو، وتسطيح للشخصيات، وافتقدت كذلك مزايا هذا النوع من الأفلام، من إثارة وقوة ومؤثرات بصرية.
تدور أحداث الفيلم حول المرأة الخارقة التي وصلت إلى عام 1984 بعد نجاحها الساحق في الحرب العالمية الثانية، وتماهت مع المجتمع الجديد، واستطاعت تقبل التكنولوجيا الحديثة والحصول على وظيفة جيدة تلائمها، لكن كل ذلك يتغير عندما تجد المباحث الفدرالية حجرا غامضا يمنح من يلمسه أمنية خاصة به، ويتطور الأمر حتى يصل الحجر إلى يد رجل الأعمال الفاشل ماكسويل لورد الذي يقرر الاندماج بالحجر ويصبح هو نفسه أداة قادرة على تغيير واقع العالم.
ويمكن بسهولة تحديد نقاط ارتكاز قصة الفيلم، فهي تدور في عصر الثمانينيات، ولدينا هنا شرير بشري لكنه يحمل قدرة مدهشة، مع شخصية ثانوية تكتسب بالصدفة قدرات المرأة الخارقة، وفي ظل وجود شخصيتين تحملان صفات البطل المضاد كان من المتوقع أن نجد صراع الخير والشر بصورة أقوى، لكن صناع الفيلم تناولوا الفكرة بطريقة سطحية وكرتونية.
فعلى عكس سلسلة أفلام مارفل التي حملت شخصيات شريرة بحجم ثانوس، فإن الشخصيات السيئة في أفلام دي سي تدعو دوما للضحك والسخرية أكثر من الخوف، وماكسويل لورد في هذا الفيلم شخص يستحق شفقة المشاهدين لا قلقهم، وحتى قوته الغريبة وتأثيراتها التي من المفترض أن توحي بالخطر لم تفعل ذلك.
أسوأ مؤثرات بصرية على الإطلاق
واحدة من أهم نقاط القوة في أفلام الأبطال الخارقين هي المؤثرات البصرية، فقد استعاد هذا النوع السينمائي تألقه بعد خفوت طويل بسبب تطور هذه المؤثرات ودخول تكنولوجيات جديدة زادت من الإبهار البصري، وبالفعل في العقد الأخير أصبحت أفلام الكوميكس أو المقتبسة من قصص مصورة هي الأعلى ميزانية في هوليود كل عام، وكذلك هي الأكثر إيرادا على الإطلاق بفضل هذه الحيل التي تكسبها على الشاشة الكبيرة عامل الإبهار الذي لا يقاوم.
ومع أن فيلم المرأة الخارقة 1984 حظي بميزانية بلغت 200 مليون دولار، فإن مؤثراته البصرية جاءت فقيرة جدا، واستخدم صناع الفيلم تقنيات قديمة أظهرت حيلا بالية مثل القفزات في الهواء التي تبدو واضحة تماما بشكل لا يليق بفيلم في القرن الـ21، مما أفقد الفيلم بالتبعية مزيدا من إثارته. اعلان
أين غوغل؟
واحد من أكثر المشاهد التي تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي من فيلم المرأة الخارقة هو الذي دارت أحداثه في مصر في الثمانينيات، حيث ظهرت البلاد وملابس الأشخاص كما لو أنها تعود إلى ثمانينيات القرن الـ18 لا الـ20، بصورة غير منطقية خاصة أننا أمام حقبة تاريخية قريبة جدا، وبالقليل من البحث على موقع غوغل يمكن لصناع الفيلم إيجاد مئات إن لم تكن آلاف الصور لهذه المرحلة التاريخية وكيف بدت مصر في أثنائها.
لكن هذا التناول الجاهل يتسق مع مظاهر الخفة والتسطيح التي صوّر معها عصر الثمانينيات في الفيلم بالكامل، فقد كرس الفيلم الاهتمام بملابس ديانا برينس بطلة الفيلم التي تدل على العصر من دون إيلاء أي اهتمام بالثقافة الشعبية الأميركية في هذه الحقبة الزمنية المهمة، أو إبراز أي تأثير لها في الأحداث. ونتيجة كل هذه الأسباب ظهر الفيلم عملا عشوائيًا أُنتج بشكل متسرع، رغم تأجيله أكثر من مرة بسبب جائحة كورونا، ومن ثم استغرق وقتا أكثر من اللازم.
وعلى الرغم من الخسارة المادية التي حققها بإيرادات لم تتجاوز 131 مليون دولار أمام ميزانية بلغت 200 مليون، والتقييمات السلبية الكثيرة عليه، فإن بيتي جنكيز وغال غادوت حصلتا بالفعل على فرصة ثالثة في هذه السلسلة، إذ أُعلن إنتاج جزء قادم من الفيلم تدور أحداثه هذه المرة في وقتنا المعاصر، لكن لم تُحدد بعد أي مواعيد خاصة بتصويره أو عرضه.
المصدر : الجزيرة