لماذا لا يجب السماح للأطفال بمشاهدة بعض أفلام ديزني؟

- Advertisement -

فتح عالم الأفلام لشركة بيكسار (Pixar) المملوكة لديزني (Disney) الأبواب للعديد من الأسئلة الفلسفية والإنسانية حول القيم والأخلاق وكيفية التعامل مع الفشل وإدارة خطة تحقيق الأهداف وقيمة الحياة وكثير من المفاهيم الوجودية من خلال أفلام الرسوم المتحركة الممتعة، كما ضربت قصة فيلم “روح” (Soul) على وتر الشغف لدى العديد من المشاهدين في منتصف العمر حول المعنى الحقيقي للسعادة والطموح وتحقيق الأحلام، كل تلك المشكلات والأسئلة تجذب البالغين أكثر من الأطفال، حيث تعد فكرة الفيلم في تلك الأفلام هي البطل الحقيقي لا سيما مع وضع التجربة الإنسانية كعنصر أساسي من عناصر الفيلم.

رسوم متحركة ذات طابع عميق

تدور في الذهن مجموعة من الأسئلة أثناء مشاهدة فيلم كرتون يتناول مفهوم الغرض من الحياة، لكن يبقى السؤال الأكثر أهمية -إذا كانت تلك الأفلام تمتعنا وتثير لدينا الأفكار المتعلقة بحياتنا نحن البالغين- هل يمكن لطفل في السادسة من عمره أن يستوعب ذلك العمق من أفلام الرسوم المتحركة؟ وهل تناسبه تلك القيم بالصورة التي تقدم بها؟

استهدفت العديد من أفلام ديزني المفاهيم العميقة ورسالات الحياة بشكل دقيق مثل فيلم “آب” (Up) و”أب سايد داون ماجيك” (Upside-Down Magic)  و”كوكو” (Coco)، وحازت على مكانة كبيرة في قلوب الأطفال، وجذبت بشدة البالغين، حيث تطرقت لمعالجة الفقد وما بعد الموت والحزن والتعامل مع المشاعر، كما أن ما يتوصل له الأطفال من تلك الأفكار ربما لا يكون بالمقدار ذاته الذي يصل للآباء والبالغين، ولكن هدف بيكسار في أي من تلك الأفلام لم يكن الأطفال وحدهم بالتأكيد، بل إن بعض المشاهد والأفلام ربما لا تكون صالحة ليشاهدها الأطفال دون الثامنة دون رقابة من الأبوين.

سأل موقع ذا رينجر (The Ringer) مجموعة من الآباء عن آرائهم في تلك الأفلام، وغلب على الإجابات الطابع المتردد حول مشاهدة الأطفال لتلك الأفلام دون رقابة، وذكر أحد الآباء أن فيلم “كوكو” يحتاج إلى وقت للتعافي بين المشهد والآخر.

في الوقت الذي صنّف فيه خبراء التربية فيلم “روح” بأنه لا يناسب الأطفال أقل من 8 سنوات، اعتبره بعض الآباء لا يناسب على الإطلاق الأطفال أقل من 12 عاما لتضمنه حوارات ومفاهيم يصعب على الصغار فهمها من المنظور المستهدف من الفيلم، في حين لا يناسب فيلم “أب سايد داون ماجيك” الأطفال أقل من 7 سنوات، كما يوصى بمشاهدة فيلم “حياة حشرة” (Bug’s Life) تحت رقابة الوالدين في عمر ما بين 4 و6 سنوات لاحتواء الفيلم على بعض المشاهد العنيفة والمخيفة في الوقت ذاته، أما فيلم “شركة المرعبين المحدودة” (.Monsters, Inc) فلا يناسب الأطفال أقل من 5 سنوات، لا سيما في المشاهد الأولى من الفيلم الخاصة بالتخويف وصراخ الأطفال.

رسائل ديزني الأخلاقية

ركزت شركة ديزني على إنتاج أفلام تقدم رسالة أخلاقية للجمهور، واستحوذت غالبية الإصدارات على فئات جماهيرية من الناضجين والأطفال، حيث مكنت الأفلام المشاهدين من تطوير القيم الأخلاقية والاجتماعية.

فقد قدمت ديزني في منتصف التسعينيات ملحمة “الأسد الملك” (Lion King)، وسلطت الضوء على الشعور بأن الثورة على الشر ممكنة ولو بعد حين، كما قدمت فلسفة رفض التوسع الاستعماري والثورة على المحتل الناهب للثروات من خلال فيلم “حياة حشرة”.

وقد أشارت دراسة نشرت عبر شبكة “بي بي سي” (BBC) عام 2019 لاحتمال تأثير أفلام الرسوم المتحركة على المعتقدات على مدى العقود، فمن المرجح لمحبي أفلام ديزني ومتابعيها أن يتأثروا بصورة فكرية عميقة بناء على القصص الأساسية لتلك الأفلام على مدى سنوات.

في المقابل، أظهر الباحثون تطوّر تعامل ديزني مع المرأة، إذ ظهرت النساء بطابع ضعيف في انتظار البطل الشجاع لإنقاذهن باعتبارهن ربات البيوت ينتظرن الزواج لحل جميع مشكلاتهن في عدد من الروايات مثل “بياض الثلج” (Snow White) و”الجمال النائم” (Sleeping Beauty) و”سندريلا” (Cinderella)، لتعبر عصر التمرد في مرحلة جديدة من خلال أفلام آرييل “حورية البحر” (Little mermaid) وياسمين في “علاء الدين” (Aladdin) و”بوكاهنتس” (Pocahontas) و”مولان” (Mulan) و”موانا” (Moana) وإلسا في “فروزن” (Frozen).

ولا شك في أن ديزني تطوّرت في تعزيز القوالب النمطية مؤخرا، إذ كشفت دراسة أجرتها الباحثة في الحياة الأسرية سارة كوين، في جامعة بريغهام يونغ، أن البنات الصغيرات أقل من عامين يرتبطن ارتباطا وثيقا بسلوكيات أميرات ديزني المفضلات لديهن. فإذا ارتأى أفراد الأسرة أن القيم أو المشاهد المقدمة في تلك الأفلام لا تتناسب مع المفاهيم الأساسية للتربية لديهم، فعليهم على الفور التوقف عن السماح لأطفالهم بمشاهدة تلك الأفلام.

ورغم الإشادات الإيجابية لتأثير ديزني في القيم الأخلاقية التي تبثها من خلال الأفلام، فإنها واجهت أيضا العديد من الانتقادات والتحذيرات من إمكانية تأثيرها سلبا على الأطفال خاصة أفلام ديزني التي أنتجت قبل 2004، حيث أشارت دراسات أكاديمية بجامعة كالغاري إلى وجود إشارات إلى أمراض عقلية، وهو ما أكده فريد زيمرمان خبير السلوك الاقتصادي بجامعة لوس أنجلوس الذي أكد إمكانية مساهمة ذلك في مشاكل مجتمعية على نطاق أوسع، وربما تداركت شركة ديزني في أفلامها تلك الانتقادات الأكاديمية، كما تجنبت تقديم الصور النمطية عن المرأة على مدى سنوات.