“زار الرئيس موقع…”، “أعلن الرئيس تعزيز الدبلوماسية بين…”، مهما اختلفت عناوين الصحف فإن مجملها هو تسليط الضوء يوميا على الرئيس الأميركي. لكن ما دور السيدات الأوليات في البيت الأبيض، وما مشروعاتهن الخاصة التي يسخّرن لها أوقاتهن ومجهوداتهن طوال الفترات الرئاسية؟
سنلقي نظرة على عمل زوجات الرؤساء الأميركيات في العقود الستة الأخيرة، فإسهامات السيدة الأولى -وإن كانت تطوعية- تضاف إلى إيجابيات أو سلبيات حكم الرئيس، لذا فالإمكانيات المتاحة لها كبيرة والتطلعات إليها أكبر، ومن هنا تولدت فكرة تبني السيدة الأولى مشروعا خاصا بعينه تُعرف به.
المشروعات الخاصة للسيدات الأوليات
جاكلين كينيدي (1961-1963)
اختارت كينيدي تبني ترويج الفن، وبدأت مشروعا ضخما لترميم البيت الأبيض حتى اغتيال زوجها جون كينيدي، وهو ما حال دون إتمامها ما بدأته، فساهمت بعده في تأسيس وكالتين في وقت الرئيس أندرو جونسون، إحداهما للاهتمام بالفن والأخرى للاهتمام بالثقافة والتعليم.
كلوديا ألتا تيلور (1963-1969)
كان مشروع كلوديا ألتا تيلور -الشهيرة بليدي بيرد- هو الحفاظ على الطبيعة، عن طريق زراعة ملايين الأشجار في حدائق واشنطن خلال الأيام القاتمة التي أعقبت مقتل جون كينيدي، وقد ألهم مشروعها مشاريع مماثلة في ولايات مختلفة، كما أنها روّجت لتجميل الطرق السريعة بزراعة الأشجار وتحجيم اللوحات الإعلانية. تربت تيلور يتيمة وقضت كثيرا من طفولتها في وحدة ألهمت حبها للطبيعة التي لطالما آنست صوتها، وظهر أثر ذلك لاحقا فيها.
بات نيكسون (1969-1974)
كان مشروعها هو ترويج العمل التطوعي، فقامت بزيارات ميدانية لمشاريع تطوعية، وهوجمت في الفترة الثانية من حكم زوجها الرئيس السابق نيكسون لتركيزها على الطلاب الذين لا يتظاهرون ضد حرب فيتنام، كتقليل من آثار الغضب. وقد كان نيكسون أول رئيس أميركي يعزل من منصبه بعد تسرّب وثائق سرية تظهر الخسائر الحقيقية للحرب، فيما عرف بفضيحة ووتر جيت.
بيتي فورد ( 1974-1977)
روّجت لمساواة المرأة، وكانت من القوى المحركة لحركة المرأة في سبعينيات القرن الماضي، وقوبلت بمعارضة شديدة لدعمها حق النساء في الإجهاض.
روزيلين كارتر (1977-1981)
كان مشروعها التوعية بالصحة النفسية، فقد أعلنت أن هدفها هو أن يحصل كل من يحتاج على رعاية نفسية، وأن ترفع وصمة العار الملتصقة بالمرضى النفسيين.
نانسي ريغان (1981-1989)
كان مشروعها التوعية بمخاطر المخدرات، وفي إحدى اللقاءات سألتها طالبة “ماذا أفعل إذا عرض علي أحدهم مخدرات؟”، فأجابت السيدة الأولى: “فقط قولي لا!”، فصار هذا اسم البرنامج الرسمي.
باربرا بوش (1989-1993)
اهتمت بمحو أمية الأسرة، وأنشأت مؤسسة باربرا بوش لمحو أمية الأسرة، واهتمت بتأسيس برامج تعليمية وجعل محو الأمية قيمة أميركية، وكانت تأمل في أن يشعر الأميركيون بالترحيب في المكتبات وبمتعة القراءة. اعلان
هيلاري كلينتون (1993-2001)
توجهت لإعادة هيكلة الرعاية الصحية حين دعاها زوجها الرئيس آنذاك بيل كلينتون إلى ترؤس لجنة قومية متخصصة، وظلت مهتمة بتمديد التأمين الصحي ليصل التطعيم إلى كل طفل، واهتمت بالتوعية الصحية ونشرت مدونة أسبوعية بعنوان “فلنتحدث عنه” (Talking it Over)، والتي ركزت على تجربتها من خلال لقاءات عديدة مع أسر داخل وخارج أميركا، كما ألفت كتابين خلال حكم زوجها احتلا قائمة الأعلى مبيعا، وهي السيدة الأولى الوحيدة التي فازت بمقعد في مجلس الشيوخ.
لورا بوش (2001-2009)
الترويج لتعليم الأطفال كان هدفها، وتحدثت لمجلس الشيوخ عن أهمية رفع مرتبات المعلمين، وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، تحدثت عن ضرورة طمأنة الأطفال بأنهم في أمان، وأنهم محبوبون ومعتنى بهم، وبالرغم من وجود أشرار في العالم إلا أن عدد الطيبين أكبر.
ميشيل أوباما (2009-2017)
دشنت ميشيل أوباما مبادرة “هيا لنتحرك” (Let’s Move) لمجابهة السمنة في الأطفال، وكان الهدف تقليص الظاهرة خلال جيل، فركزت على توفير أغذية صحية في المدارس الحكومية لمساعدة الأطفال على النشاط والحركة، وحثت الشركات على ترويج أطعمة أكثر صحية للأطفال. وبهذا تم تحديث برنامج الغذاء في المدارس لأول مرة منذ 15 سنة، واتسع استيعابه ليشمل توفير وجبات مجانية لعدد أكبر من الطلاب.
ميلانيا ترامب (2017-2021)
أعلنت منذ بداية رئاسة ترامب أن مشروعها الخاص هو تقليص التنمر عبر الإنترنت، وأطلقت عليه “كن الأفضل” (Be Best)، واستقبلت مسؤولين تنفيذيين من غوغل وفيسبوك وأمازون وتويتر لتعلن آراءها حول الموضوع.
بعض السيدات الأول لاقين هجوما على فكرة مشروعاتهن الخاصة، لكن الهجوم الذي وُجّه لميلانيا ترامب كان بسبب استخدام زوجها منصة تويتر للانتقام من معارضيه، وليس للاختلاف حول قيمة فكرتها. وفهمت ترامب سبب الهجوم لكنها أصرت على الاستمرار قائلة إن الانتقاد لن يوقفها عن فعل ما هي مقتنعة بصحته.
جيل بايدن
تعهدت بايدن بالاهتمام بعائلات ضباط الجيش وبشؤون لمّ شمل اللاجئين والمهاجرين الذين تفرّقوا عند الحدود تحت إدارة الرئيس السابق ترامب، لكن تركيزها الأساسي لا يمكن أن يتشتت عن التعليم إذ إنه مهنتها، وكذلك ستهتم بمحاربة مرض السرطان.
وتظل مهارة وشخصية كل من تلك الرائدات هي أهم ما يحضر إلى البيت الأبيض، ثم ينظر التاريخ فيما قدمنه فينصفهن.
المصدر الجزيرة