من السودان ومصر والعراق.. عربيات رائدات اقتحمن الحياة العامة

- Advertisement -

مِن البرلمانية الأولى وصاحبة المجلة النسائية الأولى إلى الوزيرة الأولى، كيف ناضلت النساء واقتحمن المجال العام، وحملن الشعلة لإنارة الطريق من أجل سائر النساء بالوطن العربي؟

البرلمانية الأولى

منذ 4 سنوات، نعى الأصدقاء والخصوم على حد سواء، فاطمة أحمد إبراهيم، أول برلمانية عربية عن عمر ناهز 88 عاما.

كانت “فاطمة” من أشهر النساء في الحركة الشيوعية بالسودان، وأول سودانية تنتخب عضوا برلمانيا في الشرق الأوسط عام 1965.

ولدت “فاطمة” في الخرطوم عام 1932 لأبوين متعلمين، كان جدها لأبيها قاضيا في عهد ما قبل الاستعمار، وكان جدها لأمها نائبا له.

أكملت “فاطمة” تعليمها الأولي والأوسط في مدارس حكومية بمدينة مدني وأم درمان وبربر وفي مدرسة الإرسالية الإنجليزية، ثم قبلت في مدرسة أم درمان الثانوية العليا. وفي عمر الـ14 عاما أسست “فاطمة” جمعية النساء المثقفات احتجاجا على المحاولات البريطانية للحدّ من دور المرأة في السودان.

آمنت بأن الخلاص من المستعمر لن يأتي إلا بوعي وممارسة سياسية حقيقية، فانضمت في سن الـ19، إلى الحزب الشيوعي السوداني، وهو الحزب السياسي الوحيد في السودان، في ذلك الوقت، الذي سمح للمرأة بأن تصبح عضوا فيه.

وفي عام 1956 تم انتخابها رئيسة للاتحاد النسائي، وحرصت الناشطة الحقوقية على المحافظة على استقلال الاتحاد من أي نفوذ حزبي أو سلطوي، وناضلت من أجل تعزيز دور ومكانة المرأة السودانية في المجتمع، وأنشأت مجلة “صوت المرأة” التي أسهم في إنشائها عدد من أعضاء الاتحاد النسائي، وأصبحت رئيسة تحريرها.

التقت “فاطمة” داخل أروقة الحزب الشيوعي، النقابي العمالي الشفيع أحمد الشيخ، أحد أبرز قادة الحزب في السودان، أحبا بعضهما وتزوجا، ليتشاركا في الحياة كما في السياسة والنضال.

https://www.facebook.com/DUPSUD/posts/880792962071517

وفي ظل الحكم المدني بعد 1964، انتخبت فاطمة أحمد إبراهيم عضوا في البرلمان السوداني، وبذلك تكون أول نائبة برلمانية سودانية، وناضلت من قبة البرلمان مدافعة عن حقوق المرأة.

ومع وصول جعفر النميري إلى السلطة في السودان من خلال انقلاب عسكري عام 1969، تم حل جميع الأحزاب السياسية لصالح مجلس ثوري.

رفض زوجها منصبا في حكومة النميري، ومع فشل انقلاب 1971 الذي قاده “هاشم العطا” مع مجموعة من الشيوعيين ضد نظام النميري، أعدم زوج فاطمة، ووضعت هي قيد الإقامة الجبرية لمدة عامين ونصف العام، وبعد ذلك سافرت مصطحبة طفلها الوحيد “محمد” إلى إنجلترا.

في منفاها، لم تتوقف “فاطمة” عن النضال، وفي عام 1993، نالت جائزة الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، وتولت رئاسة الاتحاد الديمقراطي النسائي العالمي وكانت أول عربية مسلمة تتولى هذا المنصب.

https://www.facebook.com/1408025102826509/photos/a.1410088115953541/1721885564773793/?type=3

الصحفية الأولى

يعتقد البعض أن “قاسم أمين” هو من بدأ الكتابة والدفاع عن المرأة مع إصدار كتابه “تحرير المرأة” عام 1899، لكن الحقيقة أن أول مجلة نسائية اهتمت بشؤون المرأة والدفاع عن حقوقها في الوطن العربي أصدرتها امرأة تدعى “هند نوفل” عام 1892 أي قبل “قاسم” بنحو 7 سنوات.

ولدت هند نوفل عام 1860 في سوريا الساحلية، انتقلت مع أسرتها إلى مصر بحثا عن مناخ ثقافي حيوي، إذ كانت عائلتها وثيقة الصلة بالوسط الثقافي في مصر.

تشربت “هند” روح المثابرة والدفاع عن المرأة وحقوقها من والدتها مريم النحاس صاحبة كتاب “معرض الحسناء في تراجم مشاهير النساء”.

شبت “هند” في مجتمع لا يلقي بالا لمكانة المرأة وحقوقها، فقررت عندما أصبحت في الـ32 من العمر تأسيس مجلة متخصصة تهتم بقضايا المرأة وسمّتها “الفتاة”.

https://www.facebook.com/102073778514129/photos/a.102429711811869/102431891811651/?type=3

ووفقا لكتاب “أعلام النساء” للكاتب والمؤرخ عمر رضا كحالة، كانت “الفتاة” باكورة الصحف النسائية في العالم العربي، وكانت تتحاشى “هند” في مجلتها الشؤون السياسية والدينية، وتعمل في حقل واحد هو الدفاع عن حقوق المرأة وتوجيه الأنظار إلى مكانتها قديما وما بلغته في العصر الحالي من العلم والآداب.

ورغم قصر عمر “الفتاة” حيث إنها لم تستمر سوى عام واحد و4 أشهر، فقد كان لها الفضل في تشجيع النساء على الكتابة في الصحف والمجلات والمشاركة في النقاشات السياسية والاجتماعية، حيث إن المجلة تحررها امرأة، وتسهم فيها النساء بكتابة المقالات، كما أنها تخاطب النساء بالدرجة الأولى، وتوالت المجلات النسائية حتى وصل عددها 30 مجلة في بداية القرن العشرين، بحسب الكاتبة والأكاديمية هدى الصدة، في تقديم إعادة إصدار مجلة “الفتاة” التي نشرتها مؤسسة المرأة والذاكرة.

الوزيرة الأولى

تمكنت “نزيهة الدليمي” من فتح الباب أمام مزيد من النساء في الوطن العربي لشغل مناصب رفيعة، إذ كانت أول امرأة وزيرة في العالم العربي.

كانت الدكتورة نزيهة جودت عشق الدليمي، ناشطة عراقية في حقوق المرأة، وإحدى رائدات الحركة النسوية العراقية. وكانت أيضا من القليلات اللاتي درسن الطب في الكلية الملكية للطب وانضمت إلى الحزب الشيوعي العراقي، وبعد تخرجها تم تعيينها في المستشفى الملكي ببغداد، ثم نقلت إلى مستشفى الكرخ، وكرست عيادتها الطبية لتقديم الخدمة الطبية للفقراء بالمجان.

وبحسب منظمة “بيونيرز آند ليدرز” (Pioneers and leaders) كانت “نزيهة” مشاركة نشطة في حركة السلام العراقية، وكانت عضوا في اللجنة التحضيرية لمؤتمر أنصار السلام الذي عقد في بغداد عام 1954.

وتحت قيادتها، تطورت رابطة النساء العراقيات، وانتخبت “نزيهة” عضوا في مجلس الاتحاد، وأصبحت لاحقا نائبا لرئيس هذه المنظمة الدولية.

في عام 1959، عين الرئيس الأسبق عبدالكريم قاسم “نزيهة” وزيرة للبلديات، لتكون أول وزيرة في تاريخ العراق الحديث وأول وزيرة في العالم العربي.

بعد ثورة 1963، أجبرت على مغادرة البلاد والذهاب إلى المنفى، لكن ذلك لم يمنعها من مواصلة نضالها في الحركة النسائية وفقا لـ منظمة “بيبولز وورلد” (Peoples world)، حيث عقدت المؤتمرات من ألمانيا لمناصرة قضايا المرأة حتى توفيت في المنفى عام 2007، بعد أن أتاحت الفرصة لأخريات في الوطن العربي لتولي وزارات مختلفة.

المصدر : مواقع إلكترونية