هل الرجال أكثر غضبا من النساء في رمضان؟

- Advertisement -

لماذا يفقد الرجال السيطرة على أعصابهم أثناء نهار رمضان، وهل التخلي عن روتينهم المعتاد من شرب القهوة والسجائر أحيانا وشعورهم بالجوع والحرمان يجعلهم غاضبين حتى وإن لم يدركوا ذلك؟

في المقابل، لماذا تبدو النساء أكثر سيطرة على أعصابهن بالرغم من أنهن يقمن بإعداد الطعام وتجهيز الولائم وترتيب أمور المنزل والأولاد؟

ماذا يقول الرجال؟

يقول المهندس محمد أحمد، متزوج ولديه طفلان، إنه يدرك تماما مدى معاناة زوجته فبالرغم من أنها تنام عدد ساعات أقل منه خلال شهر رمضان، وتستيقظ باكرا للانتهاء من تدريس الأبناء والذهاب للتسوق وتحضير طعام الإفطار، فإنه غالبا ما يصاب بنوبة غضب ويضطر إلى الصراخ على أتفه الأسباب.

وعن سؤاله عن سبب ذلك من وجهة نظره، أجاب بأن الرجال عادة لا يفضلون شعور الحرمان، سواء الحرمان من عاداتهم كشرب السجائر أو الحرمان من الطعام والشراب، بالرغم من أنهم قد لا يشعرون بالجوع الفعلي. ولكن شعور الحرمان في حد ذاته يضايقهم. وهم يعبرون عن ذلك بانفعالهم على الأمور البسيطة أو الأمور التي لا تستحق.

من جهتها، تقول الطبيبة داليا عثمان، متزوجة منذ 10 سنوات، إنه من الصعب أن تجد رجلا لا يتسبب في مشكلة مع زوجته خلال شهر رمضان، فبعض الزوجات يتوقعن غضب أزواجهن في نهار رمضان مما يجعلهن على استعداد دائم لاحتواء المشاكل، وهذا لا يعني أنهن لا يغضبن ولكن لديهن القدرة على احتواء المواقف وتسيير الأمور أكثر من الرجال.

تقول جون تانجني، أستاذة علم النفس في جامعة جورج ميسون، في مقال منشور على موقع “إيه بي إيه” (APA)، لا نذهب إلى أن النساء ليس لديهن مشكلة مع الغضب أو أنهن لا يغضبن، بل إنهن يتعاملن مع الغضب بشكل مختلف.

وتقول إن النساء لا يملن إلى أن يكن أكثر عدوانية مثل الرجال في التعبير عن الغضب ويملن إلى التحدث عن غضبهم أكثر. إنهن أكثر استباقية ويستخدمن المزيد من مناهج حل المشكلات في مناقشة مشكلة مع شخص يغضبن منه.

ماذا يقول العلم؟

وفقا لصحيفة “الغارديان” (Guardian)، فإنه بالرغم من أن الرجال يبدون أكثر عدوانية من الناحية الخارجية من النساء، وقد يفترض البعض أنهم أكثر غضبا أيضا، فإن ذلك غير صحيح، فقد وجدت الأبحاث أن النساء يعانين من الغضب بشكل متكرر وشديد مثل الرجال.

وفقا لإحدى الدراسات -التي أجراها علماء في جامعة جنوب غرب ولاية ميسوري، وشملت مسحا لنحو 200 رجل وامرأة- وجدت أن النساء كن غاضبات بالقدر نفسه مثل الرجال. ولكن الاختلاف الرئيسي الذي حددته الدراسة هو أن الرجال كانوا أقل قدرة على احتواء غضبهم حينما طلب منهم ذلك، بينما بدت النساء أكثر قدرة على التحكم في ردود الفعل الاندفاعية الفورية للغضب.

دراسة أخرى -أجراها الفريق البحثي المكون من الزوجين روبن وراكيل جور، في كلية الطب بجامعة بنسلفانيا- وجدت أنه في حين أن اللوزة الدماغية لها الحجم ذاته عند الرجال والنساء، فإن المنطقة الثانية، التي تسمى القشرة الأمامية المدارية، والتي تسهم في السيطرة على الدوافع العدوانية، تكون أكبر بكثير عند النساء. واقترحت أن هذا يمكن أن يساعد في تفسير لماذا تبدو النساء أفضل في إبقاء غضبهن مكبوتا وغير متفجر.

الجانب الثقافي والاجتماعي

هناك أيضا الجانب الثقافي والاجتماعي، تقول أرييل باسكن سومرز، عالمة نفس في جامعة ييل، نحن نعلم أنه حتى الطريقة التي يعامل بها الفتيات والفتيان مختلفة تماما ويمكن أن يؤثر ذلك على القدرة على تنظيم هذه الاستجابات، الدماغ وحده ليس مسؤولا عن تفسير هذه الاختلافات، فهو أكثر تعقيدا بنسبة 100% من ذلك.

وجد الباحثون، أن التنشئة الاجتماعية بين الجنسين يمكن أن تؤثر على كيفية تعامل الرجال والنساء مع غضبهم.

تقول عالمة النفس ساندرا توماس، حاصلة على درجة الدكتوراه، وهي باحثة رائدة في مجال غضب النساء، إنه تم تشجيع الرجال على أن يكونوا أكثر صراحة في التعبير عن غضبهم. في حين تم تشجيع الفتيات على إبقاء غضبهن تحت السيطرة.

غالبا ما ينظر إلى الغضب لدى الرجال عندما ينخرطون في معارك بالأيدي أو يتصرفون بغضب، على أنه نوع من الرجولة. أما بالنسبة للفتيات، فلا يتم تشجيع التصرف بهذه الطريقة، حيث يتم الإيحاء لهن بأن الغضب أمر مزعج وغير أنثوي.

كيف تغضب النساء؟

في دراسة أجرتها توماس عن غضب النساء، شملت 535 امرأة تتراوح أعمارهن بين 25 و66 عاما، كشفت عن 3 جذور مشتركة لغضب النساء، هي العجز والظلم وعدم مسؤولية الآخرين.

في حين أن الأبحاث لم تقترح بعد أن هناك عوامل مختلفة تثير غضب الرجال، غير أن الباحثين يواصلون الكشف عن الاختلافات في كيفية تجربة الرجال والنساء لذلك.

وأجرى ريموند ديجيوسيبي، رئيس قسم علم النفس في جامعة سانت جون في نيويورك، بحثا آخر لتطوير مقياس جديد لاضطراب الغضب عبر دراسة استقصائية شملت 1300 شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و90 عاما.

وجد ديجيوسيبي أن الاختلافات في مجموع درجات الغضب للرجال والنساء لم تكن كبيرة، ولكنه وجد اختلافات في الطريقة التي يتعرضون بها للغضب، فقد سجل الرجال درجات أعلى في العدوان الجسدي والسلبي وتجارب التعامل باندفاع مع غضبهم، حيث كان لديهم في الأغلب دافع انتقامي لغضبهم مع درجات أعلى في قهر الآخرين.

من ناحية أخرى، وجد أن النساء غاضبات لفترة أطول، وأكثر استياء وأقل عرضة للتعبير عن غضبهن، مقارنة بالرجال. كما أن النساء استخدمن العدوان غير المباشر من خلال “شطب” عدد أكبر من الناس، بنية عدم التحدث إليهن مرة أخرى أبدا بسبب غضبهن.