لمن يزايد عنا وللتاريخ

- Advertisement -

في شهر مارس من سنة 1998 ذهبت كصحافية إلى الجزائر للمشاركة في المؤتمر الدولي لمؤازرة المرأة الجزائرية والتي عانت الويلات من جراء الحرب التي خربت الجزائر أنذاك.. وانهكتها..وكادت تؤدي إلى انقسام الجزائر.

المؤتمر عرف مشاركة عدة منظمات من كل أنحاء العالم… وكاد العدد أن يتجاوز 1000 مدعوة.

ويوم الافتتاح الذي كان بفندق أوراسي تم الاحتفاء بنا كثيرا من طرف المنظمين وعلى رأسهم وزيرة المرأة بالحكومة الجزائرية أنذاك… حيث جلست في المقاعد الامامية مع صفوة المدعوين…

فجأة وقبل بداية الافتتاح رأيت علم الجمهورية الوهمية موضوعا إلى جانب أعلام الدول المشاركة في هذا الحدث الدولي الهام

انتفضت غيرتي على وطني فقمت من مكاني وبدون شعور فبدأت أصرخ بأعلى صوتي منددة ومعلنة رفضي التام لوجود علم الوهميين.

الصحافة الدولية التي جاءت لتغطية الحدث، تجمعت حولي باحثة عن اسباب صراخي… فما كان من الأمن الحاضر هناك الا أن رفعني نعم رفعني.. واخرجني بالقوة إلى كواليس مكان الاجتماع ومن الالطاف الإلهية ومن حسن حظي أن الصحافة الحاضرة تبعتني.. متسائلة… وامامها لم يستطع الأمن القيام باي شيء.

تسببت في تأخير الافتتاح… والمنظمون هدفهم اسماع صوتهم للعالم عبر الصحافة الدولية والصحابة الدولية ملتفة حول مغربية تصرخ يريدون معرفة السبب…

أما أنا فكنت في حالة هيجان وكل ما كنت اردده هو كيف لي أن اتضامن مع المرأة الجزائرية ومع وحدة الجزائر.. وهذه الأخيرة تريد تقسيم وطني…

حاول المنظمون إرجاع الصحافة الدولية إلى داخل القاعة لكن جلها رفض (ألطاف إلهية.. وطالع سعد).

وبدأت تلك الصحافة في محاولة لاستجوابي..

استمر الوضع على هذه الحالة لأكثر من ساعة….

أنا أصيح وأوضح.. والصحافة الدولية تتساءل… وحفل الافتتاح تأخر مما جعل بعض الهيئات الدبلوماسية تبدأ في المغادرة …

أمام هكذا وضع لم تجد الوزيرة الجزائرية بدا من سؤالي: ماذا تريدين

أنا : أزيلوا العلم المصطنع.. ولتخرج ممثلاته من القاعة.

الوزيرة الجزائرية والتي كان يهمها بالدرجة الأولى نجاح المؤتمر الدولي (وراء تنظيمه دعم مالي دولي جد ضخم وكذلك دعم معنوي كبير وتسويق اعلامي لمأساة الجزائر) .. رضخت لمطلبي فقام الأمن عن مضض بإزالة علم الدولة الوهمية وخرجت ممثلاتها وانطلقت الجلسة الافتتاحية

في المساء تلقينا دعوة للعشاء في بيت السفير المغربي بالعاصمة الجزائر آنذاك السيد الدغمي(لا أعلم أين هو الآن.. وإن كان مازال على قيد الحياة)

وقال لنا بالحرف بأنها المرة الأولى التي ينسحب فيها البوليساريو من قلب اجتماع بالعاصمة الجزائر… بل العكس هو ما كان يحدث : انسحاب المغرب.

في الصباح الموالي لتلك الحادثة جل الصحف الجزائرية خرجت بعنوان واحد وموحد يضرب في وزيرتهم:

La ministre a cédé au chantage des marocaines

وعدت إلى المغرب وأنا غير مصدقة أنني نجوت من الاعتقال كما حدث مع الصحافي المرحوم محمد باهي. رافقني في تلك الرحلة كل من الأديبة المرحومة مليكة نجيب والفاعلة الجمعوية مليكة بلمليح وسيدة رابعة لم أعد أذكر اسمها…

للإشارة ونحن نزور في اليوم الثالث إحدى الواحات بعمق الصحراء الجزائرية من أجل الاطلاع على نجاح تجربة نساء في العمل التعاوني ركبت في طائرة عسكرية (إلى جانب ممثلتي إيطاليا وقبرس) من العاصمة الجزائر إلى عمق الصحراء… وكادت هذه الطائرة أن تسقط مرتين (ربما محض صدفة)

لكن عند رحلة العودة طلبت ممثلة إيطاليا أن نعود في نفس الطائرة التي اقلت الوزيرة والوفد الرسمي.. وكان لنا ذلك.

عندما عدت إلى المغرب لم أخلق من الحادثة قضية…لأنني اعتبرت ذلك واجب وطني… وكفى

أحببت اليوم مشاركتكم هذه الواقعة لأقول بأن الوطنية كالدم، في العروق تجري، وليس كل من يحمل الجنسية المغربية كيفما كان مركزه يملك هذه الوطنية.

عاش الوطن..

نصر الله الملك العلوي

وحمى الله الشعب

نعيمة فراح نشر بتفويض منها