نص تكريم فاطمة المرنيسي

- Advertisement -

عندما تحدثت في كتابها “Rêves de femmes ” عن حريم جدها لأمها، فإن هذا الأخير كان جدي أيضا من جهة الأب.

كنت أتردد على فاطمة المرنيسي منذ الطفولة، وعندما تحدثت في كتابها “Rêves de femmes ” عن حريم جدها لأمها، فإن هذا الأخير كان جدي أيضا من جهة الأب. كنا نلتقي في مزرعة العائلة خلال فترة العطل بفرح واكتشاف وطيش، نادرا ما كنا نرى بعضنا البعض في فاس إلا في مناسبات الأعياد الدينية والعائلية، وقد فقدنا رؤية بعضنا البعض لمدة عشرين سنة، بحكم دراستنا في الخارج، وانشغال كل واحدة منا بهمومها اليومية، لنجد أنفسنا في السبعينات نلتقي من جديد، فقد عرفت حياتنا نوعا من الاستقرار أخيرا. كنا نلتقي مرتين في الشهر على أقل تقدير، ونقوم خلالها برحلات جمعت بين متعة عمل فاطمة كعالمة اجتماع، ومتعة استكشاف المجتمع الذي يتطلبه مني عملي كمخرج، فزرنا المواسم والأسواق والقصبات والأضرحة، محلات النساجين، وبقايا آثار مساكن الكلاوي بقصبة تلوات. ورافقتها أيضا أثناء تكريسها لجائزة أستورياس للأدب في إسبانيا عام 2003، وكذلك جائزة إيراسموس في هولندا عام 2004.

خلال كل هذه الرحلات والسفريات احتفظت بوثائق صور وفيديوهات قمت بترسيخها في فيلم “فاطمة سلطانة لا تنسى”. ما ستراه في الفيلم – نهاية ديسمبر 2021 – ما هو إلا انبثاق ذكريات تنبع من ذاكرتي التي لا تزال وفية للحقائق قبل أن يمحوها الزمن بفعل عامل السن والنسيان، من لهونا ولعبنا الطفولي إلى ذكريات الجد الودود والعطوف، سَفَرُنَا إلى ورزازات وتزنخت وفاس وآسفي، زيارتنا للمواسم؛ من موسم عيساوا إلى ملاذات سيدي أحمد بنوسي، مولاي بوسلهام أو مولاي بوشعيب. أحيانا كنت شاهدا حقيقيا وحاضرا في قلب الأحداث، وأحيانا أخرى كنت مراقبا نشطا لهذه الأحداث، وقليلا ما كنت أنسحب طواعية على الرغم من حضوري.

لقد أعدت بناء الأحداث بشكل تسلسلي في فيلم فاطمة، وطريقتها في منح النساء الصامتات صوتا يروين به قصصهن، وطريقتها في إراحة الأشخاص الذين أجرت معهم المقابلات، وكذلك شغفها وحبها للأطفال الصغار، ونظرتها الذاتية التي تحمل بعدا من عالم آخر. فالكل هو ذكرى، هو احتفاء بالشخص الذي ترك فراغا كبيرا في داخلي بعد وفاته، إنه شكل من أشكال التكريم بعد الوفاة لامرأة استثنائية.