فاز أربعة علماء رياضيات في هلسنكي بميدالية فيلدز التي توصف بـ”نوبل الرياضيات”، بينهم الأوكرانية مارينا فيازوفسكا، ثاني امرأة تحوز هذه المكافأة العريقة منذ إطلاقها سنة 1936.
والفائزون الآخرون بهذه الميدالية التي تُوزع كل أربع سنوات هم الفرنسي أوغو دومينيل كوبان والباحث الأميركي -الكوري الجنوبي جون هوه المقيم في الولايات المتحدة والبريطاني جيمس ماينارد.
هذه الميدالية يمنحها الاتحاد الدولي للرياضيات، وتُرفق بمكافأة مالية قدرها 15 ألف دولار كندي (11500 دولار أميركي). وهي تكرّم “الاكتشافات الاستثنائية” لعلماء الرياضيات دون سن الأربعين.
وتم الإعلان عن الفائزين خلال حفل أقيم في العاصمة الفنلندية في إطار المؤتمر الدولي لعلماء الرياضيات. وكان مقررا تنظيم الحدث في مدينة سان بطرسبرغ الروسية، لكنّ القائمين على المراسم نقلوها إلى هلسنكي بسبب الحرب في أوكرانيا.
وقال رئيس الاتحاد الدولي للرياضيات كارلوس كينيغ عند افتتاح الحدث إن “الحرب الهمجية التي تواصل روسيا شنها ضد أوكرانيا لم تترك أي خيار آخر”.
وبات أوغو دومينيل كوبان الأخصائي في الفيزياء الإحصائية، الفرنسي الثالث عشر الذي ينال ميدالية فيلدز. وآخر هؤلاء الفرنسيين كان سيدريك فياني الذي فاز بالمكافأة عام 2010.
وعلقت وزيرة البحوث الفرنسية سيلفي ريتايو التي استقدمت عالم الرياضيات الفائز إلى جامعة باريس – ساكلاي حين كانت رئيستها، عبر وكالة فرانس برس قائلة “أشعر بفخر كبير. أوغو دومينيل كوبان شخصية خارجة بعض الشيء عن المألوف، نظرا لسيرته الممتازة وأيضا لدينامية العمل الجماعي” التي أظهرها في المجتمع العلمي.
ويكرّس الفرنسي أوغو دومينيل كوبان (36 عاما) أعماله للفيزياء الإحصائية. ويوزع هذا الأخصائي في علم الرياضيات الاحتمالية والأستاذ الجامعي منذ سن التاسعة والعشرين، وقته بين معهد الدراسات العلمية العليا قرب باريس وجامعة جنيف السويسرية. مارينا فيازوفسكا
وقال دومينيل كوبان الذي حضر مراسم الإعلان عن الجوائز، شأنه في ذلك شأن الفائزين الثلاثة الآخرين، إن “الفيزياء الإحصائية هي دراسة خصائص أنظمة معقدة. أحاول أن أفهم كيف تحصل بعض عمليات الانتقال بين المراحل، كما الحال مع المغناطيس”.
ونال الجائزة بعدما حل “مسائل مزمنة مرتبطة بالنظرية الاحتمالية لتحولات الطور”، ما سمح بفتح “اتجاهات بحثية جديدة”، وفق اللجنة القائمة على هذه المكافأة.
وتشمل هذه الاتجاهات تطبيقات متنوعة مثل إدارة التدفقات الحضرية، وتوقع الظواهر المناخية، وانتشار الأمراض المعدية، والتصوير بالرنين المغناطيسي.
أما مارينا فيازوفسكا، وهي ثاني امرأة تفوز بالجائزة منذ إطلاقها قبل ثمانية عقود، فهي مولودة قبل 37 عاما في أوكرانيا إبان حقبة الاتحاد السوفياتي. وهي منذ 2017 أستاذة في كلية البوليتكنيك الفدرالية بمدينة لوزان السويسرية.
وحصلت عالمة الرياضيات على الجائزة التي صدر القرار بشأنها قبل الحرب، لحلها نسخة من مشكلة هندسية عمرها قرون، من خلال إثباتها التراص الأكثر كثافة لكرات متطابقة خارج الفضاء ثلاثي الأبعاد، أي في هذه الحالة البعد الثامن حيث التناظر يكون الأمثل.
“مشكلة التراص المضغوط”، المعروفة أكثر باسم “مسألة تاجر البرتقال”، تؤرق علماء الرياضيات منذ القرن السادس عشر، عندما نشأ السؤال عن تكديس أكبر قدر ممكن من قذائف المدفعية.
وقال الأستاذ المحاضر في جامعة بوردو الفرنسية رينو كولانجون لوكالة فرانس برس إن “علماء الرياضيات كانوا يواجهون صعوبة كبيرة في حل هذه المسألة منذ عقود، حتى أعظم المتخصصين استسلموا”.
ونجحت مارينا فيازوفسكا في تحقيق “خرق كبير” من خلال إيجاد “الدليل السحري” على التكديس الأمثل في هذا البعد، وفق عالِم الرياضيات.
ويُعد تراص أكوام الكرات الكبيرة مفيدا، على سبيل المثال، على صعيد رموز تصحيح الأخطاء للاضطرابات في إشارات الاتصالات.
وفي عام 2014، كانت الإيرانية مريم ميرزاخاني التي توفيت بسبب السرطان بعد ثلاث سنوات، أول امرأة تفوز بميدالية فيلدز.
كذلك، نال البريطاني جيمس ماينارد البالغ 35 عاما، وهو أستاذ بجامعة أكسفورد البريطانية، هذه الميدالية “لمساهماته في نظرية الأعداد التحليلية، والتي أدت إلى تقدم كبير في فهم بنية الأعداد”، بحسب لجنة ميدالية فيلدز.
ويدرس هذا الأستاذ في جامعة أكسفورد البريطانية الأعداد الأولية، التي لا تزال غير مفهومة جيدا، والتي لا تقبل القسمة إلا على الأعداد الصحيحة بخلاف العدد 1 وأنفسها.
من ناحيته، اختير الأستاذ في جامعة برينستون الأميركية جون هوه (39 عاما) للفوز بالجائزة تقديرا لـ”تحويله” مجال الهندسة التوافقية “باستخدام طرق من نظرية هودج، والهندسة الاستوائية، ونظرية التفردات”.
الأوكرانية مارينا فيازوفسكا، ثاني امرأة تفوز بميدالية فيلدز للرياضيات
- Advertisement -