المطابخ السحابية
بقلم ناجي حداد، المدير العام لشركة دليفركت في الشرق الأوسط
يشهد قطاع طلب الطعام طفرة ملموسة وحقق استفادة ضخمة من التغيرات التي طرأت على سلوكيات المستهلكين في ظل الجائحة العالمية والتوسع في استخدام تقنيات الهواتف المحمولة. كما أن هناك ارتفاع غير مسبوق في طلب العملاء لتوصيل الأطعمة إلى منازلهم حيث أظهر تقرير أعدته “بزنس واير” أن قطاع توصيل طلبات الطعام عالمياً مرشح للنمو وتجاوز حاجز 154.34 مليار دولار بحلول عام 2023.
وتلك أخبار تحمل بشائر للمطابخ المعتمة (أو المطابخ السحابية) التي تمثل نموذجًا جديدًا يشهد توسع ونجاح ملموس ويندرج ضمن ستة نماذج متنوعة لكل منها محاسنه ومساوئه. ولنلق نظرة سريعة على تلك النماذج:
- المطابخ المعتمة التقليدية: وهي عندما تقوم علامة تجارية واحدة باستئجار أو تملّك مطبخ معتم واحد في موقع معين وتتخصص بإنتاج نوع واحد من الأطباق وتعتمد على قنوات التوصيل المقدمة من طرف ثاني.
- المطابخ المعتمة متعددة العلامات التجارية: حيث تتشارك عدة علامات تجارية في مطبخ سحابي واحد تحت مظلة الشركة الأم، وتتشارك المعدات والمطبخ لتقدم العلامات التجارية أطباقًا متنوعة من مطابخ مختلفة. وتسمح تلك المنظومة بتعزيز الكفاءة فيما تقلل التكلفة التشغيلية إلى الحدود الدنيا.
- المطابخ المعتمة للطلبات الخارجية: وهي تشبه المطابخ المعتمة التقليدية باستثناء توفير إمكانية انتظار العملاء لطلباتهم واستلامها.
- المطابخ المعتمة المملوكة لمزودي خدمات التوصيل: وهي عندما تقدم الشركات المزودة لخدمات التوصيل (مثل زوماتو ودليفرو) مطابخ مجهزة بالكامل لتستأجرها المطاعم، والتي يمكنها التركيز على إعداد الوجبات فيما تتعامل الجهة المالكة للمكان مع كافة الشؤون الأخرى.
- المطابخ المعتمة المملوكة لمزودي خدمات التوصيل بلس: وهي مشابهة للمفهوم السابق مع توفر خدمات إضافية من قبل الجهة المالكة، كالبنية التحتية وتحسين عمليات المطبخ، إلى جانب واجهة المتجر التي تماثل تلك المتوفرة في نموذج الطلبات الخارجية.
- المطابخ المعتمة بالاعتماد على مصادر خارجية: وهو نموذج يعمل على تعهيد كل ما يمكن تعهيده إلى جهات خارجية بحيث يكون على العاملين فيه إضافة اللمسات الأخيرة إلى الوجبات وحسب. يتسم هذا النموذج بتعامل أقرب مع العملاء حيث يمكّن الفريق من التركيز على تسليم الطلب بالشكل الأمثل.
وكل هذا التنوع في نموذج جديد للأعمال يعني فتح آفاق شيقة وفرص واعدة، ولكنه يقودنا إلى سؤال مهم كذلك:
هل هناك مستقبل للمطابخ المعتمة؟
بفضل هيمنة جيل الألفية حاليًا، فإن قطاع توصيل طلبات الطعام من المطاعم إلى المنازل سيصل إلى 500 مليار دولار بحلول العام 2026، وبمعدل نمو سنوي مركب قدره 8.29%.
ينفق جيل الألفية معظم دخلهم على طلب الطعام عبر الإنترنت لأنهم يحبون تجربة الأطباق والنكهات المختلفة ويتطلعون إلى حلول سريعة وذكية لتوفير الوقت. كما أنهم يتمتعون بقوة شرائية مرتفعة ويفضلون مواقع التوصيل المستقلة عن المطاعم (حيث يستخدم 54 بالمائة منهم تلك الطريقة للطلب). كما أن هذا الجيل الرقمي يهتم بتجاربه اهتمامًا دقيقًا ويستمتع بمشاركة التقييمات والملاحظات عبر الإنترنت.
ولهذا السبب فإن التواجد الرقمي القوي للعلامة التجارية أمر بالغ الأهمية، وكذلك الحال بالنسبة لتقديم الخدمات الممتازة للعملاء – مما يشير إلى تطور العلاقة مع العملاء وارتباط العلامات التجارية بعاداتهم الجديدة بشكل يؤدي إلى ارتفاع ملموس في إيرادات القطاع، والمتوقع وصولها إلى 1 تريليون دولار بحلول العام 2030.
ولكن الوصول إلى تلك النقطة يتطلب من العلامات التجارية التواجد في المكان المناسب بالوقت المناسب، أي إضافة القنوات والعلامات التجارية الافتراضية التي تمكّنها من تحقيق ذلك وحتى في ظل طفرة أسواق المطابخ المعتمة ومستقبلها الواعد، لن تستفيد جميع الأطراف الحالية من تلك الفرص.
يمكن للمطابخ المعتمة المضيّ قدمًا والاستفادة من هذه الموجة عبر توسعة قنواتها والسعي لتحقيق الكفاءة، حيث يمكن تحقيق نمو المبيعات عبر تحسين كافة الخدمات. كما تظهر الأبحاث التي جرت مؤخرًا أن المطاعم تخسر بالمتوسط 20% من أرباحها بسبب عدم التواجد على الإنترنت، وبالتالي فإن إضافة قنوات جديدة والعمل مع العلامات الافتراضية يعني تحسين الكفاءة التشغيلية للمكان أو المساحة، وهو ما يترجم بقدرة أكبر على الوصول إلى العملاء والحصول على حصة أكبر من السوق وتعزيز الإيرادات.