انطلاقاً من مرفأ سيدني، عبوراً من بوابة براندنبورغ في برلين إلى شارع الشانزليزيه في باريس، ومن ميناء فيكتوريا بالصين إلى منطقة العروض تايمز سكوير بنيويورك، يستعد ثمانية ملايير شخص حول العالم لاستقبال السنة الجديدة 2023، ووداع عام مضطرب كان شاهدا على الكثير من الخيبات والأحزان والحروب، كانت أبرزها حرب الروس على الأوكران، والتضخم القياسي عبر العالم، ووفاة الملكة إليزابيث الثانية، ووفاة البابا الفخري بينيديكتوس السادس عشر، وقيادةُ ليونيل ميسي منتخب بلاده إلى الفوز بكأس قطر، وتحقيقُ أسود الأطلس لإنجازهم التاريخي في هذه الكأس.
ما هي إلا ساعات قليلة تفصلنا عن بداية عام 2023، وخلال هذه الأثناء يستعد الناس في شتى أنحاء المعمورة لاستقبال العام الجديد بالترحاب والاحتفال. وتتفاوت مظاهر هذه الاستعدادات والاحتفالات من دولة لأخرى. بيد أن دخول العام الجديد سيوفر – للكثيرين –مناسبة للتخلّص من ذكريات سيئة مرتبطة بمعدّلات التضخم القياسية في كافة أنحاء العالم وبأزمة كوفيد-19 الذي ما لبث أن يصبح في طيّ النسيان.
في أستراليا، وككل سنة ميلادية جديدة، ستكون سيدني باعتبارها “العاصمة العالمية لعيد رأس السنة”، من بين أولى المدن الكبرى التي ستعلن الانتقال إلى العام الجديد، سيما وأنها شهدت في العامين الماضيين إغلاقًا واحتفالات محدودة بسبب تفشي المتحوّرة أوميكرون.
خلال هذا العام، أُعيد فتح الحدود الأسترالية أمام كل من يرغب في الانضمام للاحتفالات في مرفأ سيدني، ويُنتظر توافد أكثر من مليون شخص لحضور إضاءة سماء المدينة بأكثر من مئة ألف من الأسهم النارية. وتقدّر السلطات المحلية بأن قرابة نصف مليار شخص سيشاهدون العرض عبر الإنترنت أو على التلفزيون.
ومنذ صباح اليوم، وقف مئات الأشخاص أمام مبنى أوبرا سيدني يتهافتون على أفضل المواقع لحضور العرض، وفي مدينة نيويورك الأمريكية الشهيرة وعلى الرغم من انخفاض درجة الحرارة إلى 10 درجات تحت الصفر ، تجمع نحوُ مليوني شخص في ساحة ميدان تايمز سكوير الشهير حيث اعتاد الناس على الوقوف في أرجاء هذه الساحة من أجل العد التنازلي لانتهاء عام ودخول عام جديد.
كما تنظم باريس أول عرض للألعاب النارية احتفالا بالسنة الجديدة، بعدما ألغيت هذه العروض في عامي 2020 و2021 بسبب الكوفيد. ومن المقرر أن ينطلق العرض ومدته 10 دقائق في منتصف الليل، ويتوقع أن يجذب حوالي نصف مليون شخص في شارع الشانزليزيه الشهير.
البعض يحتفل، لكن البعض الآخر يبتهل.
الروسيون مثلا ليسوا في وضع يخوّل لهم الاستمتاع. فقد ألغت موسكو عروضها التقليدية للمفرقعات، ولا يحلم الروسيون اليوم سوى بسماء آمنة فوق رؤوسهم.
أما الأوكرانيون فإنهم يحيون ليلة رأس السنة تحت وابل من القصف الروسي في العاصمة كييف ومدن أخرى.
وإذا كانت الحرب تمنع هؤلاء من احتفالات هذه السنة، فإن أزمة الطاقة تحول دون ذلك بالنسبة لآخرين، مثلما هو الحال في بولندا مثلا حيث أعلنت السلطات عن إلغاء جميع الاحتفالات لأن “أول مجال يتأثر بخفض الإنفاق هو الترفيه”.
وفي كرواتيا، ألغت عشرات المدن، بما في ذلك العاصمة زغرب، عروض الألعاب النارية بعد أن حذر عشاق الحيوانات الأليفة من الآثار الضارة للضوضاء والغازات على الحيوانات والبشر، ودعوا إلى إقامة المزيد من الاحتفالات المراعية للبيئة.
أما في الصين، فقد أعلنت سلطات شنغهاي عدم إقامة أي احتفال في الواجهة البحرية الشهيرة للمدينة، بسبب الارتفاع المهول في الحالات المصابة بوباء الكوفيد، إلا أن ذلك لن يمنع الصينيين من الاستمتاع بالاحتفالات في عدد لا يُحصى من الحانات والمسارح ومراكز التسوّق.
ويشار إلى أن أهالي جزيرة ساموا وكيريتيماس وقسم من جزيرة كيريباتي -في المحيط الهادئ- يعدون أول المحتفلين بالسنة الجديدة، فيما يعد أرخبيل هاواي آخر المناطق احتفالاً بهذه المناسبة. بينما تشتهر سيدني كونها أول مدينة كبرى تستقبل العام الجديد وتنتقل أخبار احتفالاتها وصور ألعابها النارية إلى مدن العالم الأخرى التي تكون على وشك الاحتفال هي الأخرى بنهاية عام وحلول عام جديد.