برواق “دولاكروا” التابع للمعهد الفرنسي بمدينة طنجة، يتواصل معرض الفنان التشكيلي المغربي البشير الدمناتي بعنوان “ولادة (معادة)”.
ويضم المعرض إحدى وأربعين لوحة تشكيلية إلى جانب أربع منحوتات من إبداع الفنان التشكيلي العصامي البشير الدمناتي، والمستوحاة من التوجه الفني التجريدي الهندسي.
وعلى هامش افتتاح المعرض الذي سيُبقي أبوابه مفتوحة أمام الزوار إلى غابة 10 مارس، قال البشير الدمناتي إن “ربي أعطاني موهبة، وكل أعمالي هي اجتهاد وبحث خاص”، مشيرا إلى أن “هذا المعرض فيه أفكار واضحة، فأعمالي تنتمي لما يسمى الفن التجريدي الهندسي، وفن النحت الهندسي”.
وأشار في معرض حديثه إلى أن الفنانين المتخصصين في هذا التوجه كانوا أربعة بشمال المغرب، ويتعلق الأمر بالفقداء محمد شبعة ،محمد الملحي ،ومحمد أطاع الله، وعبد ربه الذي قارب عمره الثمانين”، معتبرا أن الأفكار التي يعبر عنها في إبداعاته خلال السنوات العشر الأخيرة، هي أفكار تولدت في سنوات الستينات والسبعينات من القرن الماضي.
ولم يخفِ الدمناتي أنه يحاول الاكتشاف والاشتغال بتقنيات جديدة ومغايرة سواء على الورق أو القماش أو مادة “البليكسي غلاس”، باستعمال أصباغ الأكريليك أو الزيوت أو بعض الأصباغ الخاصة المستعملة في زجاج نوافذ الكنائس.
من جهته، أشار الناقد بيير باسكال الى أن “دقة فنية متناهية تسِم أعمال البيشير الدمناتي”، مضيفا كما “تستوقفنا تلك المُسْحةُ الشَاعرية ونحن ننفذ إلى أعماله أو ننصت إليها، فإبداعاته الفنية تخاطب وتستنفر مختلف الحواس، حيث تساهم الألوان والأشكال جنبا إلى جنب في التعبير عن إدراكات ومشاعر وأصوات …”.
يذكر أن البشير الدمناتي، ولد بحي أمراح بالمدينة العتيقة لطنجة سنة 1946، وشكلت مشاركته في ورشة رسم بثانوية ابن الخطيب حافزا له على الانخراط في عالم الفن، حيث أنجز سنة 1961، وهو في سن الخامسة عشرة، عملا يَعُدُّه أول أعماله التشكيلية ذات التوجه التجريدي الهندسي، بعنوان “الأهرامات”.
حضر بقوة في الساحة الفنية وتوالت إبداعاته بوتيرة كبيرة خلال عقدين من الزمن، ليتوقف هذا العطاء الغزير بسبب حادثة سير رهيبة أدخلته في حالة غيبوبة وضعت حدا لأنشطته الفنية.
وفي سنة 2014، عاد من جديد إلى مرْسَمِه، وقدم في رواق محمد الدريسي معرضا استعاديا لأعماله، كي يرى “إن كان الطنجاويون لم ينْسُوه”، كما أسرّ بذلك بتأثر كبير، في اللحظة التي يحتفي فيها “كاليري ديلاكروا” بهذا الفنان، ويُنزِله المكانةَ التي يستحقها في المدينة التي كان يطلق فيها العنان لأحلامه، قبل سبعين سنة تقريبا.
اليوم، يكشف البشير الدمناتي، أكثر من أي وقت مضى، عن جرأة وشباب وحيوية تثبت أنه كان وسيظل أحد أبرز الأسماء الفنية في الفن المغربي المعاصر.