على درب النكهات الرمضانية المغربية بإيطاليا

- Advertisement -

هاجر الراجي – ومع)

استطاع المطبخ المغربي، العريق والغني بأطباقه ونكهاته، فرض نفسه خارج الحدود الوطنية، وحتى في الدول التي يتمتع مطبخها بصيت عالمي، مثل إيطاليا.

وخلال شهر رمضان المبارك، يبلغ الإقبال على ثقافة المطبخ المغربي ذروته في إيطاليا، حيث نجد النكهات الرمضانية المغربية حاضرة بقوة في كل مكان.. من المطاعم التقليدية، إلى المأكولات المغربية في الشارع، والمنتجات المحلية في الأسواق الممتازة.

وبين أزقة المركز التاريخي لمدينة بولونيا، مهد المعكرونة الإيطالية، يتمتع سكان وزوار هذه المدينة التي تعتبر القلب النابض لجهة إميليا رومانيا بنكهات مغربية أصيلة، لاسيما بمطعم السيد سعيد، الذي يكون ممتلئا عن آخره خلال أمسيات الشهر الكريم.

وفي حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء، يقول صاحب المطعم المغربي، وهو ابن مدينة الدار البيضاء استقر منذ 30 سنة في إيطاليا، “من أجل وجبة الإفطار أو العشاء، يأتي العديد من المغاربة من جميع أنحاء إيطاليا إلى المطعم، من أجل الاستمتاع بنكهات وجو الوطن”.

 

وفور ولوج أبواب المطعم، يجد الضيف نفسه في قلب المغرب مع ديكور المكان الراقي الذي يتميز بثرياته النحاسية، ومقاعده الجلدية، وكذا زاوية جلوس مغربية مصنوعة من “الخريب” (قماش أصلي من فاس)، ومفارش مائدة منمقة بالطرز المغربي. كما تساهم طريقة تزيين الموائد في تعزيز هذا الجو المغربي الأصيل، مع خبز القمح المقدم في سلال صغيرة من الخيزران، إلى زجاجات زيت الزيتون وزيت الأركان الأنيقة، مرورا بالأباريق المصنوعة من الطين.

ومن الحساء إلى الطاجين أو الكسكس، يقدم سعيد لزبنائه قائمة متنوعة، والتي يغنيها بشكل كبير خلال شهر رمضان، حيث يزداد الطلب على الحلويات المغربية من قبيل “سلو” و”الشباكية”، و”الفيليالية”، وفقا لصاحب المطعم، الذي يضيف أنه لا يتردد خلال هذه المناسبة في تقديم الأطباق المغربية الأصيلة مثل “بسطيلة الحمام”.

ولا يتردد هذا المغربي الذي يهوى المزج بين ما هو تقليدي وعصري، في ابتكار وصفات والجمع بين النكهات المغربية والإيطالية.

ويقول سعيد: “نحاول مزج نكهات البلدين لإرضاء أذواق الزبناء الإيطاليين، الذين يأتون بمفردهم أو بصحبة أصدقائهم المغاربة، الذين غالبا ما يغتنمون مناسبة رمضان لدعوتهم حول مائدة مُغرية خارج ما يعرفونه في صقلية أو سردينيا”، مشيرا في هذا السياق إلى تقديمه لـ “بريوات الفستق”، وهي النكهة الشعبية للحلويات الإيطالية.

وعلى بعد أكثر من 500 كيلومتر من سعيد، نجد مطعم الوجبات الخفيفة لـ “با بوشعيب”، الذي يعتبر ملاذا لغالبية أفراد الجالية المغربية في نابولي، بجنوب البلاد، وكذلك لمختلف الجاليات العربية بالمنطقة. ويختص مطعم “با بوشعيب” في الأكلات التي تشتهر بها الشوارع المغربية.

وأمام في متجره الصغير، نجد دائما حشدا كثيفا. ويقول رفيق، وهو شاب مغربي عازب يعيش في إيطاليا منذ سبع سنوات، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “ما يشتهر به هذا المطعم هو طبق المعقودة (كرات البطاطس المهروسة) والحريرة واللحم المشوي والرايب، ولا يوجد مثيل لهما في إيطاليا”.

وبحثا عن نكهات ودفء الوطن، يأتي هذا الشاب الثلاثيني يوميا خلال شهر رمضان إلى هذه “الذكرى الشعبية الحية” للمغرب على بعد دقائق قليلة من محطة القطار بنابولي.

ومن الجنوب إلى الشمال، تمتد هذه الذاكرة وتتجدد في العديد من الأسواق بإيطاليا، هذا البلد الذي يضم أكثر من 430 ألف مغربي، من قبيل سوق “بالارو”، أكبر سوق بالمدينة القديمة لباليرمو أو “بورتا بالازو” في تورينو، أكبر سوق في أوروبا، حيث لا يختلف جو الشهر المبارك عن أجواء الأسواق المغربية.

وبصرف النظر عن المحلات التجارية الشعبية، نجد أيضا نكهات ومكونات مائدة رمضان على رفوف الأسواق الممتازة الأكثر حداثة في شبه الجزيرة الإيطالية. ومن “الليمون المخلل” (المصير) إلى اللحوم المجففة القادمة من فاس، أو التمر “المجهول” من تافيلالت، وكذا “زعفران تالوين”، لا تتردد الأسواق الممتازة الإيطالية في عرض تخفيضات على هذه المنتجات الرمضانية.

وهو عمل تسويقي يروم استقطاب الجالية المغربية، والمسلمة بشكل عام، ولكن أيضا يستهدف السكان المحليين الذين يقبلون بكثرة على المنتجات المحلية للمملكة.

وبفضل ارتباطهم بالمغاربة من خلال العلاقات التاريخية والثقافية، يطور الإيطاليون والشركات والأسر بشكل متزايد علاقات استثمارية واستهلاكية وثيقة مع المغرب. وفقط بين يناير وغشت 2022، زادت التجارة الثنائية بنسبة 30 بالمائة، بعد زيادة أخرى بنسبة 27 بالمائة عام 2021، وفقا لما أكده السفير الإيطالي في الرباط، أرماندو باروكو.

وكان الدبلوماسي قد أوضح، في تصريح لوكالة الأنباء الإيطالية (laPresse.it)، أن هذه الزيادة “تهم جميع القطاعات ذات الاهتمام المشترك، من النسيج والسيارات، إلى وسائل النقل والفلاحة والبتروكيماويات”.