المغرب

إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف عادة السلاطين وأمراء المغرب والمغاربة

فرح - ي م

ولد سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين في يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، وقد أضاء بحسنه مكة المكرمة التي وُلد فيها, وأضاء الكون كله بمولده صلى الله عليه وسلم، فكان بشرى لأمه آمنة بنت وهب، وخير خلف لأبيه الهاشمي المتوفى عبد الله بن عبد المطلب ومصدر فخر وسرور لجدّه عبد المطّلب الذي تبنّاه بعد وفاة أمه.

أول أمير مؤمنين يحتفل بالذكرى المجيدة:

يشكل هذا اليوم في تاريخ المملكة المغرب رمزية دينية  هامة منذ القدم فأول أمير يحتفل به عمر المرتضى الموحدي الذي بين أهمية الاحتفال بذكرى المولد النبوي . فكان السلطان المذكور “يقوم بليلة المولد خير قيام ويفيض فيه الخير والإنعام”. بل أنشد في شهر ربيع الأول ووقوع المولد النبوي فيه مقطوعة شعرية من بينها :

وافى ربيع قد تعطر نفحه      أذكى من المسك العتيق نسيما

بولادة المختار أحمد قد بدا      يزهو به فخرا وحاز عظيما

احتفال أمراء المؤمنين المرينيين بذكرى المولد النبوي:

أما إمارة المؤمنين يعقوب بن عبد الحق المريني فإنه كان يقيم  ليلة المولد النبوي بفاس، يستمع إلى القصائد والخطب بهذه المناسبة الجليلة، واحتفل ابنه أمير المؤمنين يوسف بهذه الذكرى العطرة لما كان ببلاد الريف عام 691 هـ/ 1292 م، حيث أمر “بعمل المولد وتعظيمه والاحتفال له في جميع بلاده”، فناب عنه في الاحتفال بالذكرى “بحضرة  فاس الفقيه الخطيب أبو يحيى ابن أيوب ،وبذلك أصبح “يوم الثاني عشر من ربيع الأول عيدا مولديا عاما بالمغرب، وأضاف أمير المؤمنين أبو سعيد المريني إلى ليلة المولد الشريف الاحتفال باليوم السابع من المولد، حيث ظل يشرف على ذلك ولي عهده أبو الحسن المريني، واستمر الأمر إلى عهد أمير المؤمنين أبي عنان المريني، حيث “تبنت الدولة القيام بنفقات الاحتفالات بليلة المولد في سائر جهات المملكة” خلال عهد السلطان الأخير الذي كان يصنع، بمدينة مراكش، “دينارا ذهبيا كبيرا من وزن مائة دينار، ليقدمه إلى إحدى الشخصيات الزائرة ضمن صلة عيد المولد النبوي”.

احتفال الجلالة السلطانية العلوية بالمولد النبوي:

أما تاريخ المملكة المغربية المعاصر أدرك الشيخَ ماء العينين بن العتيق الشنقيطي “عيدُ المولد الشريف بالرباط في دار حاجب السلطان، مولانا سيدي محمد بن مولانا يوسف، وهو الفقيه الصوفي السيد محمد الحسن بن القائد إدريس بنيعيش،”، فلما صلوا “المغرب في دار الحاجب المذكور ليلة المولد الشريف” استدعاهم “إلى دار المخزن للاجتماع بالسلطان” فساروا معه واجتمعوا “بجلالة السلطان سيدي محمد في مسجده الخاص بدار المخزن، فاجتمع عنده تلك الليلة كثير من العلماء والأدباء والشعراء حتى غص المسجد بهم، والسلطان جالس بينهم كأحدهم لم يتميز بعلامة من أبهة الملك عنهم وباتوا مشتغلين في إنشاد المدائح النبوية، بالأنغام الحسنة والألحان المطربة، ومما ختموا منها قصيدتي البوصيري الميمية والهمزية الشهيرتين، وقصيدة كعب بن زهير رضي الله عنه الشهيرة في مدحه صلى الله عليه وسلم، فلما كان قبل طلوع الفجر بقليل، ختموا المجلس بقصائد من إنشاء بعض تلك الأجلة، في مديح مولانا السلطان، وتهنئته بعيد المولد الشريف، وما تفرق النادي، حتى صلوا الصبح بمحضر من السلطان.

استثمار الاحتفال التراثي المغربي بذكرى المولد النبوي:

لطالما شكل الطقس الاحتفالي المغربي خلال ليلة المولد النبوي الشريف صلة وصل بين إمارة المؤمنين وبقية الشعب المغربي، ونسيجا ثقافيا وروحيا ذا ثلاثة أبعاد وطنية وقارية ودولية، ويبدو أن توسيع نقل طقوس الاحتفال بالذكرى المجيدة ليشمل مسلمي إفريقيا الذين لديهم صلة روحية بأمير المؤمنين، وليشمل الأقليات المسلمة ببعض الدول الإفريقية عن طريق النقل التلفزي والرقمي أو عن طريق قيام السفارات والقنصليات المغربية في بعض هذه الدول المذكورة بإقامة حفلات دينية منظمة سيكون له جانب مهم في إنجاح المبادرات الملكية الأخيرة لخلق شراكات اقتصادية وثقافية بين المغرب وإفريقيا مما سيعود على المواطن المغربي والإفريقي بالنفع (رابح/رابح).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى