يُعد العنف ضد النساء من أبرز التحديات الحقوقية والاجتماعية في المغرب، حيث تعاني نسبة كبيرة من النساء من أشكال مختلفة من العنف، سواء الجسدي، النفسي، الاقتصادي، أو الرقمي. ورغم وجود ترسانة قانونية تهدف إلى مكافحة هذه الظاهرة، مثل قانون 103.13، لا تزال هناك فجوة بين التشريعات والواقع العملي، مما يستدعي تعزيز الجهود المجتمعية والمؤسسية لمكافحة هذه الظاهرة، مع التركيز على التوعية والتغيير الثقافي.
مجلة “فرح” تحاور اليوم الاستاذة اوكادوم فاطمة، بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة العنف ضد النساء.
الاستاذة اوكادوم، خريجة المعهد العالي للدراسات القضائية.
عضو اللجنة الجهوية للتكفل بالمرأة والطفل بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء من 2006 الى 2018.
خبيرة العدالة المنصفة للنساء والفتيات.
عضو مؤسس لاتحاد قاضيات المغرب.
خبيرة ومدربة في مجال حماية حقوق الأطفال.
حاورها الاستاذ محمد الطيب بوشيبة
- ما هي أبرز أشكال العنف التي تعاني منها النساء في المغرب؟ وهل هناك فئات معينة أكثر عرضة لهذا العنف؟
الجواب:
للأسف، العنف ضد النساء في المغرب يشمل أشكالًا متعددة. هناك العنف الجسدي، الذي غالبًا ما يحدث داخل الأسرة، والعنف النفسي، الذي يتمثل في التحقير والإقصاء. لدينا أيضًا العنف الاقتصادي، مثل حرمان النساء من الموارد المالية أو من حقهن في العمل، بالإضافة إلى العنف الجنسي، سواء كان تحرشًا في الأماكن العامة أو اعتداءً مباشرًا. لا يمكننا إغفال العنف الرقمي، الذي أصبح بارزًا مؤخرًا من خلال التهديد أو الابتزاز عبر الإنترنت.
أما الفئات الأكثر عرضة، فهي النساء في المناطق القروية بسبب ضعف التوعية والخدمات، وكذلك العاملات في القطاعات غير المهيكلة كالخادمات، إضافة إلى المطلقات والقاصرات، خاصة في ظل ظاهرة زواج القاصرات.
كيف تقيّمون الإطار القانوني الحالي لمكافحة العنف ضد النساء في المغرب؟
الجواب:
قانون 103.13 الصادر عام 2018 كان خطوة إيجابية، حيث وفر بعض الآليات لحماية الضحايا، مثل مراكز الاستماع والعقوبات المشددة على مرتكبي العنف. ومع ذلك، هناك عدة ثغرات تحتاج إلى معالجة. على سبيل المثال، تعريف العنف في القانون لا يغطي جميع الأشكال، خاصة العنف الاقتصادي والرقمي. إضافة إلى ذلك، تطبيق القانون يواجه تحديات كبيرة، مثل نقص الموارد وصعوبة الوصول إلى العدالة، خصوصًا في المناطق النائية. هناك حاجة ملحة لتعزيز هذه الآليات وتحسين تنفيذها على أرض الواقع.
ما هو الدور الذي تلعبه الجمعيات والمنظمات الحقوقية في دعم النساء ضحايا العنف؟ وهل التعاون مع الحكومة كافٍ؟
الجواب:
الجمعيات تلعب دورًا جوهريًا، بدءًا من تقديم الدعم النفسي والقانوني للضحايا، مرورًا بتوفير مراكز الإيواء، وصولًا إلى التوعية بحقوق النساء والمخاطر التي يواجهنها. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الجمعيات على الترافع من أجل تحسين القوانين والسياسات.
أما بالنسبة للتعاون مع الحكومة، فهو موجود لكنه بحاجة إلى تعزيز أكبر. الجمعيات تواجه تحديات تتعلق بنقص التمويل وصعوبة التنسيق مع المؤسسات الحكومية، وهذا يؤثر على جودة الخدمات المقدمة للضحايا.
كيف تؤثر التقاليد والعادات الاجتماعية على تفشي العنف ضد النساء؟ وكيف يمكن تغيير هذه التصورات؟
الجواب:
التقاليد تلعب دورًا كبيرًا في تأجيج هذه الظاهرة. في بعض المناطق، تُعتبر سيطرة الرجل على المرأة جزءًا من ثقافة المجتمع، ويتم تقبل العنف كوسيلة “تأديب”. أيضًا، هناك أعراف ترى في العنف قضية “داخلية” لا يجب التدخل فيها، مما يمنع الكثير من النساء من الإبلاغ.
لتغيير هذه التصورات، نحتاج إلى تكثيف التوعية في المدارس والإعلام، وإشراك الشخصيات الدينية والاجتماعية لتوضيح أن احترام المرأة جزء من القيم الأخلاقية والدينية.
كيف يمكن للرجال أن يكونوا جزءًا من الحل للحد من العنف ضد النساء؟
الجواب:
دور الرجال محوري في مكافحة العنف. يجب أن يكونوا قدوة في محيطهم من خلال رفض السلوكيات العنيفة أو التمييزية. عليهم أيضًا تعزيز الحوار داخل الأسرة، والمساهمة في تربية أبنائهم على قيم المساواة والاحترام.
الرجال يمكنهم الانخراط في حملات التوعية وتغيير المواقف المجتمعية. التغيير لن يأتي إلا بمشاركة الجميع، والرجال، كشركاء في المجتمع، عليهم دور رئيسي في هذا التحول.