مواجهة “الأخبار الزائفة” و “العلاقات الصحفية والعامة المعتمة” Dark RP
علاقات صحفية معتمة، الأرق الجديد لوكالات العلاقات الصحفية والعامة ولعملائها
فوزية طالوت المكناسي- مديرة النشر
عرفت سنة 2004، انطلاق التواصل عبر العلاقات الصحفية والعامة في المغرب بإيعاز من وكالة بريسما
قمنا نحن الصحفيين، الممارسون للعلاقات الصحفية والعامة وعملائنا، بوضع مجموعة من المبادئ التوجيهية لمهنتنا.
كمحترفين في مجال العلاقات الصحفية والعامة، قمنا بتطوير حكايات إيجابية واليات دعم لعملائنا ، إذ سعينا لجذب انتباه الصحفيين من خلال العلاقات وإنتاج محتوى مثير للاهتمام يستخدم في المقام الأول لتسهيل عملهم.
وقد أفاد الصحفيون بموضوعية ما تعلموه وما ابلغوه من قبل الوكالة. أما العملاء فمن جهتهم، اوكلوا لوكالتنا مهمة الترويج لبرامجهم مع تأكدهم أن ذلك سيتم بطريقة مشرفة.
شخصياً وبصفتي خبيرة دولية في مجال العلاقات الصحفية والعامة والمديرة المؤسسة لوكالة بريسما، كنت دائما أكرر لفريقي، أنه لا ينبغي الكذب على الصحفيين، كوني انا ايضا صحفية كما هو حال معظم اعضاء مجموعتنا. هاته الثقافة الصحفية هي ما تشكل قوتنا مقارنة بوكالات العلاقات الصحفية الأخرى.
حتى في حالات التواصل فيما يتعلق بمواقف الأزمات الخطيرة، تم استخدام مشاريع بديلة لجذب انتباه الصحفيين بعيدا عن مجال الأزمة من خلال تقديم معلومات صادقة ومثيرة للاهتمام ، ولكن لم يتم استعمال الخبر الزائف ولم نكذب ابدا.
ولكننا اليوم، نشهد نقطة سلبية للغاية لهاته العملية التي لطالما كانت ايجابية، وهي نقطة تزداد حدة يوما عن يوم وتتجلى في العلاقات الصحفية التي تستعمل التعتيم او المعتمة، بالفعل فبعض الوكالات التي اصنفها بالماكرة تقوم ببث حكايات سلبية عن منافسي زبائنهم واحيانا عن الزبون نفسه، بشكل عام يكون ذلك على شكل مقالات بنيوية، كتبت باسم مجهول وتنشر على الصفحات الاجتماعية والمنصات التعاونية.
ظاهرة “العلاقات الصحفية المعتمة”، اصبحت تثير قلقا حقيقيا لبعض الشركات المغربية، واصبحت اكثر اهمية بسبب انتشار المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت، هاته التقنية او الظاهرة المسماة “Dark RP”، يمكن استعمالها لأغراض مختلفة للغاية، يمكن استخدامها لتغطية فضيحة مثلا أو لمجرد الترويج لعلامة تجارية أو منتج.
وبالتالي، فإن الوكالات التي تختار هاته الطرق، تقوم بمضاعفة حساباتها المستخدمة، وهي حسابات وهمية لتنفيذ “العلاقات الصحفية المعتمة” واحدى ممارساتها الاولى والأكثر تحديدا اليوم هي الأخبار الزائفة والتي يتم توزيعها غالبا من خلال وسائط مزيفة تبدو حقيقية، بحيث يكون المحتوى منظما مثل المقالات ويمكن أن يولد جمهورا كبيرا.
الأمثلة في المشهد المغربي كثيرة، لن ندرج أيا منها ولكنهم اكيد سوف يتعرفون على انفسهم، وتقوم محركات البحث مثل غوغل مثلا بمنح هاته المنابر الاخبارية نفس المصداقية ويحددها ويصنفها بشكل جيد، غير ان المنطق يختلف، فبعيدا عن الرغبة في نقل المعلومات بشكل صحفي،، غالبا ما يكون الباحث أو البروفيسور أو الأكاديمي وهمي وينتج محتوى مبني بشكل جيد ومنمق، فيصبحون من المؤثرين وصناع المحتوى وصناع الرأي .
قد يكون مؤثرا خياليا بالتأكيد، ولكن له كل مقومات المؤثر الحقيقي. وبالتالي فإن المحتوى الذي يتم إنتاجه يؤثر في عمل بعض الصحفيين الذين يبحثون عن السبق الصحفي والقارئ الذي يعتقد أنه في حضرة محتوى صادق.
اليوم ، الجميع يعلم أنه يمكنك شراء 50000 معجب على فيسبوك مقابل أقل من 5000 درهم وهؤلاء المعجبين المزيفين يضيفون مصداقية للمحتوى المعتم.
الأداة الثانية التي ينشطها “Dark RP” هي إنشاء ملفات تعريف زائفة على الشبكات الاجتماعية، وهناك عدد لا يحصى من الوكالات التي تقوم بهذا العمل وكل ذلك بأسعار لا تقبل المنافسة. الممارسة تحد من عدم الشرعية ، ولكنها تستخدم على نطاق واسع بسبب الفراغ التشريعي في هذا المجال، فمن الصعب بشكل عام القول أنه لا يوجد أشخاص حقيقيون وراء هذه الأنواع من الحسابات.
في هذا السياق، ما الذي يجب أن تفعله الشركات المتأثرة بهذه الممارسات غير الأخلاقية؟
هذا يعطي الحق للشركات التي تأخذ سمعتها على محمل الجد وتفعل كل ما هو ممكن لبنائها وصقلها وجعلها اكثر فعالية، بافتراض أن أفضل مكان للرد على المعلومات الكاذبة هو الشركة نفسها.
الثقة بين الشركة والصحفي والعميل لا تصدر بمرسوم وانما تكتسب من خلال الشفافية والأخلاق والمهنية والابتكار.قيم حقيقية على الشركة احترامها وممارستها بشكل يومي ولكنها ايضا ثقة تبنى ولا تختفي في أول فرصة، لا تجتاحها أول موجة، بل على العكس من ذلك، تقاوم لأنها مبنية على قاعدة صلبة مصنوعة من معلومات حقيقية، ترسل بانتظام إلى الصحفيين خلال سنوات.
يجب أن تركز الشركة جهودها على جودة ودقة المعلومات التي تنشرها على كل المعنيين: داخليا، عملاء / عملاء محتملين وفاعلين في السوق.
مع ظهور كوفيد 19، عرفت الشركات حالة تحول كامل، هي فرصة بالنسبة لهم للتطور ، وتأكيد أنفسهم كفاعل أساسي في المجتمع ولاعب اقتصادي لا مفر منه، من خلال الاهتمام الدقيق والمحترف بسمعتهم وتطوير رأسمال معلوماتي خاص بهم.
أما فيما يتعلق بالشركات التي تميل إلى ممارسة “العلاقات الصحفية المعتمة”، فهي لا تستطيع اتخاذ إجراءات طويلة الأجل فقط إذا استمرت في الدفع، اما اذا توقفت عنه، فسوف تفقد معجبيها الذين تم شراؤهم، هي شركات تضع نفسها في دائرة مفرغة ، خاصة وأن العلاقات الصحفية العامة نشاط متواصل مبني على أسس منهجية ويفضي الى بناء رأسمال معلوماتي طويل الأمد ويستغرق سنوات.