4 ملحنات كلاسيكيات نعرف موسيقاهن ويغفل التاريخ أسماءهن

- Advertisement -

لا يزال أمامنا طريق لنقطعه قبل أن يصبح اسم امرأة في برنامج الحفلة الموسيقية أمرا عاديا، حيث تظهر الأبحاث الحديثة أن 8.2% فقط من الحفلات الموسيقية الأوركسترالية في جميع أنحاء العالم تحتوي على مؤلفات النساء.

لكن هل تساءلت للحظة عن مؤلفي أشهر المقطوعات الموسيقية التي تتداولها الأفلام ونتغنى بها في لحظات فراغنا؟

كان من المدهش معرفة أن أكثر الألحان عفوية ورقة وحزنا على مدى القرنين الماضيين كانت لنساء، تلك الموسيقى الخفيفة الظل التي تعلق بآذاننا منذ الطفولة، واجهت صاحباتها تحديات صعبة فقط من أجل العزف والتأليف، ولا تزال تلك التحديات عقبة في سبيل إحياء ذكراهن.

صاحبة الأوبرا الوحيدة لـ100 عام

ولدت إثيل سميث عام 1868، وملأت مؤلفاتها بريطانيا في سنوات ما بين الحربين العالميتين. كانت أوبرا “المخربين” The Wreckers لإثيل من أهم المؤلفات الإنجليزية، كما ألفت أوبرا “الغابة” Der Wald التي عرضت في الميتروبوليتان بنيويورك، وكانت الأوبرا الوحيدة التي عرضت لامرأة على مدى قرن حتى عام 2016.

قدّمت سميث ألحانا عذبة تخطف الأنفاس، وأغاني فيها من القلق بقدر ما فيها من الرقة، وكانت -إلى جانب كونها ملحنة غزيرة الإنتاج- معروفة بالدفاع عن حق المرأة في الاقتراع، وأديبة، وصديقة لبعض أشهر الشخصيات في أوائل القرن العشرين، مثل الأديبة فيرجينيا وولف.

كافحت سميث قولبتها في لقب “المرأة الملحنة”، وتحدت الصور النمطية من خلال كتابة موسيقى ذكورية وارتداء ملابس الرجال، ووصفها المؤلف الموسيقي إليتش تشايكوفسكي بالشخصية الغريبة الأطوار لاصطحابها كلابها أينما ذهبت، لكن تلك كانت واحدة من غرائبها، فبعد أن تخلت سميث عن الموسيقى وانضمت إلى الاتحاد الاجتماعي والسياسي للمرأة عام 1910، وأصبحت أغنيتها “مسيرة النساء” The march of the women نشيدا لحركة حق النساء في الاقتراع، تم القبض عليها وحبسها مع زميلاتها في سجن هولواي، فكانت تقف بينهن ممسكة فرشاة أسنانها، لتقودهن في أداء نشيدهن الذي ألفته.

أول ملحنة يتقبلها المجتمع

ولدت الملحنة الفرنسية جيرمين تيليفيري عام 1892، وكانت المرأة الوحيدة ضمن مجموعة “الستة” التي جمعت أفضل الملحنين الفرنسيين في أوائل القرن العشرين، والذين مثلت موسيقاهم رد فعل قويا ضد المدرسة الرومانسية الألمانية لريتشارد فاغنر وريتشارد شتراوس.

ساعد اختيار جيرمين ضمن المجموعة على تقبلها مجتمعيا، وتعاونت معهم في عدد من الحفلات الموسيقية، وشاركت في مسرحية غنائية بعنوان “حفل زفاف في برج إيفل”  Les Mariés de la tour Eiffel”، قدمت لأول مرة عام 1921.

كتبت جيرمين العديد من أهم مؤلفاتها خلال عشرينيات القرن الماضي، وازدهرت أعمالها بعد انفصالها عن زوجها، فألفت أوبرا زولاينا Zoulaïna ولو مارين دي بوليفار Le marin de Bolivar، وعملها الرائع “لا كانتات دي نارسيس” La cantate de Narcisse بالتعاون مع الشاعر والفيلسوف بول فاليري، واتسمت موسيقاها بأسلوب حر” غير مبالٍ مع مسحة ثابتة من الحزن.

وصلت أصداء موسيقى جيرمين إلى السينما، واختارها المخرج الفرنسي موريس كلوش لعدد من أفلامه ولسلسلة من الأفلام الوثائقية، وكانت تلك الأفلام بمثابة توثيق لرحلتها، حيث فقدت جيرمين غالبية أعمالها عند اندلاع الحرب العالمية الثانية وإجبارها على الهجرة.

عازفة في مخابئ الحرب العالمية

ولدت جرازينا بيسفتش عام 1909، وهي ثاني ملحنة بولندية يتم الاعتراف بها وطنيا ودوليا، بعد ماريا زيمانوفسكا التي ارتفع نجمها أوائل القرن التاسع عشر. بدأت جرازينا حياتها عازفة كمان منفردة، حتى أصبحت عازفة الكمان الرئيسية في أوركسترا الإذاعة البولندية، مما منحها فرصة لانتشار ألحانها في بداية طريقها.

لم تعارض الحرب العالمية الثانية طريق جرازينا التي عاشت في وارسو، فواصلت تأليفها، وأقامت حفلات سرية في المخابئ تحت الأرض، مما جعل مؤلفاتها تبقى مميزة بسيطرة الكمان عليها، فقدمت 7 مؤلفات بالكمان فقط، و5 سوناتات بالكمان والبيانو، ورباعية بـ4 كمانات، وشملت أعمالها الأوركسترالية 4 سيمفونيات مرقمة، وفقدت بقية أعمالها خلال الحرب.

أول أستاذة في الكونسرفتوار

ولدت لويز فارنس عام 1804 لعائلة فنية في باريس. درست العزف على البيانو منذ صغرها، وانضمت لمعهد الكونسرفتوار، وكانت المرة الأولى التي يفتح فيها المعهد أبوابه لفتاة، حتى أصبحت أستاذة فيه بعد تخرجها، لتكون المرأة الوحيدة التي يتم تعيينها في منصب أستاذة بالمعهد في القرن التاسع عشر، وطوال 30 عاما كانت واحدة من أعظم أساتذة البيانو في أوروبا.

https://youtube.com/watch?v=IGCg-erZMao

ألفت لويز الموسيقى منذ طفولتها، وذاع صيتها مبكرا، لكنها كافحت كثيرا من أجل مساواتها بالملحنين الذكور، واحتجت أمام السلطات على تدني أجرها بالمعهد، في محاولة لتحقيق المساواة لما يقرب من عقد من الزمان.

تركت لويز موسيقاها تتحدث عن نفسها، ولم تتخل أبدا عن تدوين ألحانها التي أحدثت التأثير الأكبر في السينما الفرنسية بعد ذلك، واكتفت بالتقدير الكبير لموسيقاها بين النقاد الباريسيين، لكن على مرّ التاريخ تم نسيان اسم لويز بين نظرائها من الرجال، وتنتشر أعمالها حتى اليوم باعتقاد خاطئ على أنها أعمال بيتهوفن أو شوبان، رغم تميزها بالنغمات المنمقة للكمان والمزامير الشرقية.