كيف اثر الحجر الصحي على ضبط رغباتنا؟ وما الفرق بين الرغبات والاحتياجات؟
بشرى شاكر
تحدثنا مع بداية الحجر عن الاحتياجات، التي اصبحت متساوية لدى الشعوب باسرها، مع اختلاف الطبقات الاجتماعية والمستويات الثقافية، حيث ان البشرية عادت للتسلسل الهرمي لأبراهام ماسلو الذي تحدث عن الدافع البشري، حيث اصبح بالنسبة للجميع اسفل الهرم منطلق احتياجاته واساسياته…
ولكن ماذا عن الرغبات، الرغبة تختلف عن الاحتياج الاساسي، مثل الحاجة للأكل والحاجة للنوم والحاجة للشرب ولكن الرغبة هي تلك الرغبة التي لا يشبعها سد الاحتياج، فنحن نحتاج للأكل لنعيش ولكن، انا مثلا لا ارغب بان اكل فقط وانما ارغب بأكل معين، وانت تريد تناول بيتزا، انت ترغب بالخروج وانا ارغب بالبقاء بالبيت الى غير ذلك…
الاحتياجات توحدت حينما عم الوباء العالم باسره، ولكن الرغبات تبقى فردية وتميز كل فرد عن الاخر وهي بالأساس لها علاقة بالإغراءات، اغراء الجسد، اغراء الاعلانات ، اغراء التدخين، اغراء الاكل والشرب والتسوق، قبل الحجر الصحي وفي الوقت العادي كشفت الإحصائيات ان كل فرد يعيش في المدينة يتعرض لإغراء 5000 اعلان يوميا…
غير ان الحجر الصحي سمح لنا بضبط الرغبات اكثر، كم منا تساءل هل اشتري بيتزا من الخارج؟ ولكن المطاعم مقفلة وحتى من توفر التوصيل، هل تحترم معايير الوقاية؟ ثم هناك ازمة اقتصادية، لم لا احضرها في البيت او اتناول ما هو موجود؟
لحظات التساؤل هاته، هي لحظات للتأمل ايضا، والتأمل هو تمرين عصبي يساعد على كبح الرغبات او التراجع عنها او تعويضها بأخرى، لحظة تأمل واحد كافية للتخلص من سيطرة الرغبة
وحسب الباحثون، فإن ضبط النفس والتفكير قبل تنفيذ الرغبة، جعلانا نشغل جزءا اساسيا من الدماغ حيث ان الجزء المعروف باللحاء الأوسط الأمامي الظهري، وهي منطقة على الخط الأوسط للدماغ أعلى العينين مباشرة، تصبح اكثر نشاطا، تماما مثل في فترة الصيام، حيث انك تسيطر على رغبتك في الاكل والشرب والجنس وبالتالي تنشط هاته الباحة.
الاشخاص يختلفون، هناك من يستطيع ضبط نفسه وبالتالي رغباته بشكل اكبر، وهناك المندفع الذي كل همه اشباع رغباته، ويقول الدكتور مارسيل براس، وهو الباحث بمعهد مكس بلانك للإدراك البشري وعلوم الدماغ ان هذا السلوك هو ما يميز السلوك الذكي والسلوك الاندفاعي، ويميز بين الإنسان والحيوان.
غير ان الحجر الصحي وانتهاء عدة امكانيات، جعل حتى المندفعين يشغلون اكثر الجزء الخاص بضبط النفس وارادة الفعل، فاصبح الشخص وان رغب بالاستمرار في المشي ليلا في الشارع يكبح رغبته ويمتثل لساعة حظر التجول ويركض نحو بيته، الرغبة في شراء اي شيء والاكل بالخارج ايضا استطاع العديد منا كبحها، فكان الحجر بمثابة تأمل دائم، بين ما نرغب به وما هو مسموح به، فشكل ذلك الحاجز بين الرغبة وتنفيذها وبالتالي علمنا اكثر كيف نضبط انفسنا
اذن، من قال ان للحجر الصحي سيئات فقط؟