أهمية الكفاءة الثقافية في الرعاية الصحية

- Advertisement -

أهمية الكفاءة

لا غرو أن موضوع الكفاءة الثقافية في الرعاية الصحية أصبح محط اهتمام متزايد على الصعيد العالمي عند الحديث عن جودة الرعاية الصحية بشكل عام. وبتسليط الضوء على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نلاحظ تميز هذه الرقعة الجغرافية بالتنوع الديموغرافي الواسع، الأمر الذي يخلق الكثير من التحديات أمام مقدمي الرعاية الصحية المترافقة مع تنوع المعتقدات وحواجز اللغة وغيرها من الأمور الأخرى.

وفي هذا السياق، أبرزتالدكتورة أرليت هيري، العميد المساعد لشؤون الثقافات المتعددة في كلية الطب بجامعة سانت جورج فيغرينادا أن الكفاءة الثقافية تعد عنصراً حاسماً في ممارسة الطب لأنها تضمن احترام المريض أولاً.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو كيف تبدو هذه الكفاءة الثقافية في الرعاية الصحية عند التطبيق والممارسة العملية؟

في هذا المقال، تفصيل لأهمية الكفاءة الثقافية في الرعاية الصحية، وكيف يمكن لكليات الطب تجهيز أطباء المستقبل ليكونوا ممارسين فعالين في مجال الرعاية الصحية لمختلف المجموعات السكانية على الرغم من تنوعها الثقافي.

ماذا نعني بالكفاءة الثقافية في الرعاية الصحية :

الكفاءة الثقافية في الرعاية الصحية تشير إلى قدرة متخصصي الرعاية الصحية لإثبات الكفاءة الثقافية تجاه المرضى الذين لديهم قيم متنوعة ، معتقدات و المشاعر. تتضمن هذه العملية النظر في الاحتياجات الاجتماعية الفردية ، والثقافية ، والنفسية للمرضى من أجل التواصل الفعال بين الثقافات مع مقدمي الرعاية الصحية. الهدف من الكفاءة الثقافية في مجال الرعاية الصحية هو تقليل الفوارق الصحية وتقديم الرعاية المثلى للمرضى بغض النظر عن العرق ، الجنس ، الخلفية العرقية ، واللغات المحلية المنطوقة ، والمعتقدات الدينية أو الثقافية. تدريب الكفاءة الثقافية مهم في مجالات الرعاية الصحية حيث يكون التفاعل البشري شائعًا ، بما في ذلك الطب والتمريض و الصحة المتحالفة والصحة العقلية والعمل الاجتماعي والصيدلة صحة الفم ، و الصحة  العامة.

الجوهر الحقيقي للكفاءة الثقافية :

شددت الدكتورة هيري عند حديثها عن الكفاءة الثقافية في مجال الرعاية الصحية، على مفهوم التواضع الثقافي الذي ينطوي على الوعي بأن مريضك ينتمي إلى خلفيات مختلفة من ناحية الجنس والعرق والدين والحالة الاجتماعية والاقتصادية ومستوى التعليم وغير ذلك.

وأضافت الدكتورة هيري أن رغبة مقدمي الرعاية الصحية في استكشاف وفهم كيفية تأثير هذه الحقائق على الرعاية يعد أمراً بالغ الأهمية في معالجة الفروقات الصحية وتوفير رعاية صحية جيدة. وأن تبني التواضع الثقافي يعني أن الطبيب على دراية كاملة بجميع مرضاه على اختلاف معتقداتهم وخلفياتهم، وبمعالجة هذه الاختلافات من خلال عدسة التفكير الذاتي والتعلم مدى الحياة، يمكن لأخصائي الرعاية الصحية تقديم رعاية أكثر فعالية واحتراماً لمرضاهم”.

تحدد الخلفية الثقافية لكل من المرضى ومقدمي الرعاية تجربة الرعاية الصحية بشكل عام، حيث يمكن للانتماءات الثقافية أن يكون لها تأثيراً واسعاً على النظام الصحي للأشخاص بدءاً من مكان وكيفية طلب الرعاية وحتى كيفية وصف الأعراض وما إذا كانوا يتبعون توصيات الرعاية الصحية المقدمة له أم لا.لذلك، يتفهم نظام الرعاية الصحية المختص ثقافياً أن لغة المريض وثقافته لا يجب أن تكون عائقاً أمام تلقيه الرعاية المناسبة، وبدلاً من ذلك يمكن استخدام هذه العناصر كأدوات لتحسين النتائج.

أهمية الكفاءة الثقافية في الرعاية الصحية :

إن الطبيب الكفؤ ثقافياً والمدرك للتناقضات بين ثقافة وأخرى قادر على تلبية الاحتياجات الفريدة للمرضى، مع مراعاة أي حساسيات وتوقعات مرتبطة بثقافتهم. وإن فهم خلفية المرضى يساعد على التواصل بسهولة وبناء علاقة معهم، في حين يمكن أن يؤدي الفشل في معالجة التناقضات الثقافية أو اللغوية أو الصحية إلى أشياء خطيرة مثل أخطاء التشخيص، عدم دقةالفحوصات، وردود الفعل السلبية غير المتوقعة على الأدوية، والرعاية الصحية غير الكافية.

ولهذا أصبحت الكفاءة والاحترام الثقافي لدى الأطباء من المكونات الحاسمة للحد من الفوارق الحاصلة في الرعاية الصحية، لأنها تساعد في تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية الجيدة.

تعزيز الكفاءة الثقافية لدى الأطباء :

لا جرم أن الكفاءة الثقافية تمثل عنصراً حيوياً في مناهج كليات الطب التي تتخذ أساليب مختلفة لتجهيز طلابها ليكونوا فعالين في أنظمة الرعاية الصحية متعددة الثقافات.

إن التقدم للحصول على شهادة طبية في جزيرة مثل غرينادا، والقيام بدورات التدريب العملية في دول مثل المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة يمثل تجربة فريدة لجميع الطلاب حيث يوفر التفاعل مع السكان ذوي المعتقدات المختلفة، فرصة للأطباء الطامحين بتنمية مهاراتهم على المستوى الشخصي والمهني، وهو نوع من الخبرة التي لا يمكن الحصول عليها من محاضرة أو كتاب مدرسي.

وفي نفس الإطار، تشيد الدكتورة هيري بدور كلية الطب بجامعة سانت جورج في غرينادا في توفير فرص مختلفة للطلبة لاستكشاف مواضيع التنوع الثقافي بعمق أكبر، بقولها: “تفخر جامعة سانت جورج بإعداد طلاب كلية الطب لديها لممارسة التواضع عبر غرس قيم التنوع والمساواة والاندماج في مناهجها الدراسية”.

العمل كطبيب كفؤ ثقافياً :

تركز الكفاءة الثقافية على أهمية العمل الفعّال في السياقات الثقافية المختلفة وتغيير الممارسات لضمان الوصول إلى مختلف المجموعات الثقافية، حيث يعد كل من الوعي الثقافي والحساسية الثقافية جوانب مهمة يجب إتقانها من قبل مقدمي الرعاية الصحية.

كما أن التعليم الدولي الجيد يعد أحد الطرق الأساسية التي تمكن الأطباء من أن يصبحوا أكفّاء ثقافياً، إلى جانب أن تعاملهم مع أشخاص من خلفيات مختلفة يصقل من مهارات الكفاءة الثقافية لديهم ويساعدهم على التعامل مع مرضاهم بخبرة كافية.

إن ممارسة الطب كطبيب كفؤ ثقافياً تعني ببساطة القدرة على رؤية المرضى وجهاً لوجه وتلبية كافة متطلباتهم الثقافية بما فيها احتياجاتهم اللغوية، الأمر الذي يضمن تلقي كل مريض بروتوكول علاج مخصص يناسب خلفيته ويلبي توقعاته ويخرج بنتائج علاج مضمونة.