بعد حالة الهدوء التي أملتها الأجواء الروحانية طيلة شهر رمضان، ضجّت شوارع المدن المغربية وأزقتها الشعبية مع حلول عيد الفطر، حيث تتهيأ العائلات المغربية لاستقبال العيد الذي تعد الحلويات إحدى أبرز معالمه.
وتستعد النسوة اللاتي اجتهدن طيلة شهر كامل في إعداد مائدة إفطار رمضان، لتحضير أول وجبة فطور صباحية مع بداية يوم العيد،و تتألف أساسا من حلويات تقليدية تبرعُ أنامل المغربيات في صناعتها بأشكال مختلفة وبمكونات متنوعة.
وتعد التقاليد المغربية العريقة في صناعة حلويات العيد سليلة المطبخ الأندلسي، فقد نقل أهله الذي هاجروا إلى المغرب منذ القرن الـ13 الميلادي نكهاته الخاصة ووصفاته الشهية إلى الحواضر المغربية التي استقروا بها، حيث تزين حلويات من قبيل “كعب الغزال” و”الغريبة” و”قراشيل الرباط” ذات الأصول الأندلسية موائد المغاربة، ويتناولونها مع أكواب الشاي بالنعناع.
وفي مرحلة الاستعداد لعيد الفطر تبدأ المحال التجارية في شوارع العاصمة المغربية الرباط بعرض أطباق من الحلويات، يحدد سعرها للكيلوغرام الواحد حسب طبيعة المكونات المؤلفة منها، حيث تعد تلك المصنوعة من عجائن اللوز الأغلى سعرا، ويصل ثمن الكيلو إلى عشرة دولارات.
ضغط الحياة
وأمام ضغط الحياة وإيقاعها السريع، تحجم الكثير من النساء العاملات عن صناعة حلويات العيد في بيوتهن، لما يتطلبه ذلك من جهد ووقت في تنميق قطع الحلوى وتزيينها وتحضير مكوناتها وطهوها بعناية خاصة.
من زاوية أخرى تعدّ صناعة الحلويات المغربية احتفالية نسائية سنوية للقاء والاجتماع على صناعة قطع الحلوى وتعليم الصغيرات هذه الحرفة التي يتوجب على كل ربة بيت مستقبلية إتقانها، فتفتح المغربيات في الأحياء الشعبية بيوتهن قبل حلول العيد بأيام وينخرطن وسط أجواء حماسية وأحاديث صاخبة، وذلك في إعداد العجائن المكونة في الأغلب من اللوز والفستق والتمر والجوز وغيرها من الفواكه الجافة التي تستعمل بكثافة في الحلويات المغربية، إضافة إلى بعض الأصناف المحدثة التي تستعمل فيها بعض الملونات وحبات الشوكولاته.
الأفران الشعبية
وتخصص أفران الأحياء الشعبية خلال الأيام القليلة التي تسبق عيد الفطر، وقتا وافرا لأطباق الحلويات التي يأتي بها الصبية من بيوت أمهاتهم من أجل إنضاجها على نار الفرن التقليدي الهادئة، بينما تُحجز هذه الأفران على مدار أيام السنة لطهو الخبز المصنوع في البيوت.
وفي صبيحة عيد الفطر وبعد عودة المصلين من أداء صلاة العيد، تحضر النسوة موائد أول فطور بعد شهر من الصيام، وتوضع أطباق الحلويات والعجائن برفقة أكواب الشاي المغربية.
وتحرص كل امرأة حين تبادل زيارة العيد مع أقاربها على اصطحاب طبق مزيّن بمختلف أشكال الحلويات التي صنعتها احتفاء بالعيد، كعربون تهنئة ومباركة بحلول هذا اليوم، وحتى تذيق باقي أفراد العائلة بعضا مما صنعته يداها.
المصدر : وكالة الأناضول